جال امس وفد سوري ضم عدداً من النواب وحشداً من رجال الدين المسلمين والمسيحيين على رئيسي الجمهورية اميل لحود والمجلس النيابي نبيه بري ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، مؤكداً تضامنه مع لبنان ومع الاعتصام النيابي استنكاراً لاستمرار الحصار البحري والجوي الاسرائيلي على المرافئ والمطارات اللبنانية. وقال لحود أمام الوفد أن لبنان تلقى عروضاً كثيرة للمساعدة"لكنها كانت مقابل مطالب مبطنة ومنها نشر قوات دولية على الحدود مع سورية ونزع سلاح المقاومة وهو ما رفضناه في شكل قاطع"، مشيراً الى بعض"الأصوات النشاز"التي لديها حسابات سياسية داخلية ومؤكداً أن غالبية اللبنانيين موحدة في وجه العدو الاسرائيلي وپ"لذلك تمكّنا من دحره". ورأى لحود نافذة للسلام"بعدما انتهى دور اسرائيل كبوليس لمصلحة أميركا في المنطقة"، مشيداً بدور الرئيس السوري بشار الأسد خلال الحرب الاسرائيلية الأخيرة على لبنان"، وهذا الأمر ليس بجديد". وتحدث النائبان محمد حبش ونمر حنين باسم النواب والمطران ازيدور بطيخة باسم رجال الدين المسيحيين والشيخ عبدالقادر النشار باسم علماء الشريعة فأكدوا تضامنهم مع لبنان وشعبه في مواجهة العدوان الاسرائيلي. وكان تردد أن الوفد النيابي السوري سيشارك في اعتصام النواب اللبنانيين، لكن وصوله تأخر الى ما بعد انتهاء الجلسة النيابية، ما حال دون حصول"صدام"سياسي بين أعضاء الوفد ونواب الأكثرية من قوى 14 آذار. وقالت مصادر نيابية لپ"الحياة"أن بري نجح من خلال اتصالاته بعدد من النواب واجتماعه مع وزير الاعلام غازي العريضي في قطع الطريق على احتمال اندلاع احتكاك سياسي ليس أوانه الآن، مشيرة الى أن المخرج كان في تأخر حضور الوفد السوري ريثما تنتهي الجلسة. وبالفعل حضر الوفد السوري الى البرلمان في الثانية بعد ظهر أمس والتقى بري في حضور عدد من النواب من غير نواب قوى 14 آذار الذين قرروا مقاطعة الاجتماع بعد مشاورات أجروها مع الرئيس امين الجميل ورئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري ورئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط ورئيس الهيئة التنفيذية في"القوات اللبنانية"سمير جعجع. كما انتهت المشاورات الى تكليف النائب أكرم شهيب الادلاء بتصريح يحدد فيه الموقف من زيارة الوفد السوري. ورحب بري بالوفد السوري مشدداً على أهمية التضامن العملي مع لبنان. ثم تحدث عن نشوء افواج المقاومة اللبنانية أمل عام 1974 والظروف التي رافقت تأسيسها. وقال أن اسرائيل"تحاصر لبنان اليوم في محاولة لازهاق الانتصار الذي حققته المقاومة والشعب اللبناني في هذه الحرب، حرب"الفانتوم"ضد الطفل وحرب"الميركافا"ضد المنزل الآمن". وأكد بري استمرار الاعتصام النيابي الى حين رفع الحصار الاسرائيلي، مشيراً الى تصميم الشعب اللبناني على الصمود ومجدداً القول أن"آخر الدواء الكي واذا اضطررنا سنركب الطائرات ونخرق الحصار وكما قلت في جلسة اليوم أمس قد لا نرجع لكن سيرجع لبنان". وشدد على متابعة السعي الى اعادة العلاقات اللبنانية - السورية الى طبيعتها وتميزها، وقال أن لبنان لا يمكن أن ينجح من دون سورية وأن سورية لا يمكن أن تنجح من دون لبنان وأن عدداً كبيراً من العائلات موجود في لبنان كما في سورية ومن بينها عائلتي بري وجنبلاط في حلب. وتحدث حبش باسم الوفد السوري فقال:"نحن نتحدث باسم الشعب السوري وليس باسم أي جهة رسمية، ونشعر بالفخر لوجودنا في هذا البرلمان المنيع، الذي هو من أبرز الاماكن الديموقراطية، ونعتز أيضاً بكل الأخوة النواب". وتابع حبش:"جئنا الى نصف العائلة الثانية ويجب أن تتعزز الأخوة وأخترنا أن نأتي في ظل العمائم تأكيداً على رسالة التسامح والمحبة، ونشعر بالفخر بلقاء الرئيسين لحود وبري ونأمل بأن نزور الرئيس فؤاد السنيورة". وقيل لحبش:"هل من لقاء مع نواب 14 آذار؟". فأجاب:"نحن نود أن نلتقي نواب 14 آذار وكل الاطراف، لكن نحن هنا من أجل رسالة التسامح والمحبة". وكان حبش سئل بعد زيارته المفتي قباني ما اذا كان يقوم بوساطة معينة بين البلدين، فأجاب:"نحن لا نمثل جهات حكومية ولكننا ندرك تماماً أن علينا بذل كل الجهود للحفاظ على العلاقات اللبنانية - السورية، وبالطبع هناك أطروحات حول ترسيم الحدود وقيام سفارتين بين البلدين، واعتقد بأن تصريحات رسمية سورية صدرت مرحبة بخطوات كهذه لكن علينا أن ندرك أنها تتطلب أجواء من الهدوء والمسامحة للوصول الى الاهداف التي نبتغيها وليس من خلال الاسلوب الذي اقترحته فرنسا من خلال نشر قوات دولية بين لبنان وسورية". أما شهيب فقال:"بالأمس التأم مجلس الشعب السوري متضامناً مع مجلس النواب اللبناني رفضاً للحصار، واليوم حضر وفد نيابي الى مكتب رئيس المجلس متضامناً وندرك تماماً أن الشعب السوري متضامن فعلاً مع لبنان وشعبه، ونشكره وكنا نتمنى أن نشكره على عدم عرقلة نظامه تطبيق ما اتفق عليه كل اللبنانيين حول طاولة الحوار، وعلى احترام القرارات الدولية ذات الصلة بلبنان والتعاطي مع لبنان كدولة مستقلة ذات سيادة. وكنا نتمنى لو أن الوفد الكريم احضر معه تصحيحاً واضحاً من رأس نظامه لفهمه الخاطئ والمتجني لهويتنا الوطنية، فنحن لبنانيون عرب ولسنا منتجاً اسرائيلياً، وكنا نتمنى لو احضر معه المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية اقفالاً لهذا الملف، أو حمل معه الخرائط الموقعة والموثقة لمزارع شبعا تحديداً وترسيماً".