أخفقت منظمة التجارة العالمية، صيف 2006، في تحرير التجارة، ويرجع سبب إخفاقها الى معارضة الهند والبرازيل والولايات المتحدة الأميركية وأوروبا. وفي الأثناء، يرغب أصحاب أسهم جنرال موتورز، درة الاقتصاد الأميركي سابقاً، في تولي كارلوس غصن، رئيس مجلس إدارة"رينو"وپ"نيسان"، مقاليد شركتهم. ويترك عملاق التوزيع الأميركي، وول - مارت ويبلغ عدد العاملين في فروع الشركة مليون عامل، المانيا بعد ثمانية أعوام من محاولة شركة التوزيع دخول القارة الأوروبية. والاخفاقات الثلاثة هذه مُني بها الاقتصاد الأميركي على رغم قوته وغلبته. وتعاني الصين، في الوقت نفسه، مشكلة غريبة. ففي غضون عام واحد، تخطى النمو الاقتصادي 11 في المئة. وهذا يفوق النمو الذي يرغب فيه قادة الصين ويريدونه. وفي وسع رجلي الأعمال الهنديين لاكشي واديتياميتال أن يسرا، فهما منذ منتصف تموز يوليو مالكا"أوسيلور"شركة إنتاج الصلب الأوروبية الكبيرة السعيدان، وفي 31 تموز دق جرس في ميزور الهندية، حيث مكاتب شركة المعلوماتية"انفوزيس"، معلناً افتتاح تبادل أسهم"نازداك"، بورصة نيويورك المختصة بالأسهم التكنولوجية. وهذا دليل، كذلك، على تعاظم دور الهند. ولعل هذه القرائن جزئية ومنحازة. ولكن الأمر الثابت هو تغير قسمات العولمة وملامحها. ولا شك في أن الشركات الأميركية والأوروبية المتعددة الجنسية لا تزال في أوج قوتها، وتتقدم غيرها من الشركات الكبيرة، وتستثمر الرساميل الضخمة خارج القارتين الغربيتين، ولكن بروز شركات متعددة الجنسية، منشؤها بلدان جديدة، ظاهرة ينبغي ألا تغفل، ومن هذه الشركات"غازبروم"الروسية، عملاق الطاقة الذي يحمل أوروبا على الارتجاف، و"إل جي الكترونيكس"وپ"سامسونغ"الكوريتان، وپ"لينوفو"الصينية، شارية قسم"بي سي"من"آي بي إم"، وپ"امبرايير"البرازيلية، منافسة"آيرباص"وپ"بوينغ"على الطائرات الصغيرة، وپ"أوراسكوم"المصرية، المستثمرة الأولى في الهاتف النقال الخلوي بالجزائر. وهذه شواهد على عولمة تعكس العولمة الغربية، الأميركية والأوروبية، المعروفة. وجاء في تقرير نشره، قبل أسابيع قليلة،"فريق بوسطن للاستشارات"، وتناول القادمين الجدد، أن عدد الشركات التي أسست في البلدان الناشئة وذات النمو السريع، حيث إداراتها ومراكزها، وتنشط خارج أسواقها الوطنية أو المحلية، يبلغ بضعة آلاف. وپ70 من هذه الشركات مصدرها آسيا 44 منها صينية وپ21 هندية، وپ18 مصدرها أميركا اللاتينية 12 منها برازيلية، وپ12 مصادرها روسية وتركيا ومصر. ودائرة انتاج أو عمل هذه الشركات السلع المصنعة الصلب، تجهيز السيارات...، والسلع الاستهلاكية المعمرة، والمواد الخام، والصناعة الغذائية، ومستحضرات التجميل، والتكنولوجيا والاتصالات والخدمات. وأسباب الظاهرة هذه كثيرة، فالبلدان المعنية انخرط اقتصادها في الرأسمالية، ونشأت طبقة من رجال الأعمال، بعضهم درس في جامعات غربية، تولت زمام الاستثمار والتخطيط والقيادة. وتتيح السوق الداخلية، وهي غالباً واسعة، إرساء قاعدة صناعية متينة تشفع بها يد عاملة رخيصة. والإدخار وفير. وقلما يتردد الغربيون، تحدوهم رغبة قوية في الاستثمار، في عقد الشراكات ونقل التكنولوجيا. وتتضافر هذه العوامل على تمكين الشركات الوطنية من طرق آفاق العالم الرحبة. ولا تدعونا ملاحظة الظاهرة الى التهوين من المعوقات. فالشركات العالمية تحتفظ بميسم تاريخها المحلي وندوبه: قلما تتمتع حسابات المجمعات الصينية بالشفافية، والبنية الإدارية ضعيفة على العموم، ومجالس الإدارة يغلب عليها أهل البلد. والى هذا، ليس الانفتاح من سمات بلدان المنشأ في أحيان كثيرة. فتبعث بلدان الشركات مرافق الاستثمار الغربية على التحفظ. وأحد الشواهد القريبة"شركة موانئ دبي العالمية"ومحاولتها الاستثمار في مرافئ أميركية. وشاهد آخر إخفاق شركة النفط الصينية"كنوك"في الاستيلاء على منافستها الأميركية"يونوكال". ولا يقدح هذا في صحة الملاحظة: لم تعد العولمة حكراً على الشركات الغربية، وخصوصاً الأميركية. وحيث كان"مكدونالدرز"يتربع وحيداً، تتقاسم ثلاثة مطاعم آسيوية الآكلين. عن فريدريك لوميتر ، "لوموند" الفرنسية، 1\9\2006