يجلس ابو زيد في حديقة داره باكياً منتظراً وزوجته عودة ابنه المفقود منذ نحو اسبوع وعينه على الهاتف منتظراً ان يرن وتطلب العصابة مالا مقابل اعادة الابن. وتؤكد"ام زيد"ان ابنها"لم يمت، لقد بحثنا في المستشفيات والطب العدلي"، ويعقبها ابو زيد"قال شريكه في العمل ان مسلحين يرتدون زي الشرطة اقتحموا المحل واعتقلوه تحت تهديد السلاح". وعلى رغم ان وزارة الداخلية العراقية نفت مراراً تورط الاجهزة الامنية بعمليات مماثلة، متهمة"عصابات مسلحة"ترتدي زي الشرطة بزعزعة امن المواطنين والوقوف وراء مثل هذه العمليات، الا ان"ابو زيد"قصد الوزارة متسائلاً عما اذا كان"زيد"معتقلاً لديها؟ وحين تلقى الرد بالنفي لم يبق امامه الا امل واحد وهو الانتظار الى جانب جهاز الهاتف. من جانبه نفى الميجر جنرال جوزيف بيترسون، المسؤول عن تدريب الشرطة العراقية، في تصريحات صحافية الأربعاء الماضي وجود عناصر متورطة مع"فرق الموت"او"فرق الإعدام المتنقلة"في وزارة الداخلية، مشيراً الى ان هذه الفرق"تنتمي إلى ميليشيات مستقلة". لكن"ابو زيد"، وكثيرين مثله لا تهمهم انتماءات العناصر الاجرامية، يقول ل"الحياة"ان"الارهاب لا دين له ولا طائفة، المهم ان توقفه الحكومة". وتسعى الاجهزة الامنية في العراق الى استحداث زي موحد لا يمكن تزويره ترتديه عناصرها في الجيش والشرطة الى جانب تعزيز عديد قواتها بشكل يفوق قدرات هذه"الجماعات الاجرامية"، التي راحت ترتدي الزي الرسمي للشرطة العراقية، وتستقل سيارات امنية وتقتحم المصارف ومكاتب الصيرفة والنقل والشركات التجارية والمحال الكبرى... فضلاً عن القيام بأعمال الخطف والسرقة. ويلفت نبيل العبيدي تاجر الى انه خُطف مرتين من قبل العصابة ذاتها، مؤكداً ان الشرطة لم تفلح في تعقبها ما جعله يمد اصابع الاتهام الى"جهات بذاتها". رئيس الوزراء نوري المالكي اعترف مرات عدة بوجود اختراق امني في اجهزة حكومته. ويؤكد العبيدي على ذلك بالقول"اذا كان المسلحون جزءاً من الحكومة او يعملون من دون سند لهم داخل الاجهزة الامنية فالامر سيان، لأن امكاناتهم مخيفة". وتصاعد الخوف على نحو اكبر بعدما نشر مكتب حقوق الانسان في بعثة الأممالمتحدة في العراق تقريراً يشير الى ان عدد الذين قضوا نحبهم في العراق وصل الى 3590 شخصاً في تموز يوليو الماضي و3009 في آب اغسطس الماضي ايضاً منوهاً بأن الغالبية هم ضحايا العنف الطائفي والعصابات المنظمة فضلاً عن ضحايا الانفجارات. وتبين ام خليل، وهي ربة بيت وام لولد وبنت،"ان مسلحين غير ملثمين ويرتدون زي مغاوير الشرطة ويستقلون سياراتها"اختطفوا ثلاثة شبان من منطقتنا على التوالي"مستنتجة ان"هذا يعني انهم اقوياء ولا يخشون الدولة ويعملون في وضح النهار"، وتزيد"عاد واحد منهم امس سالماً وحكى ان"الشرطة"التي اختطفته باعته الى عصابة اخرى تولت التفاوض مع اهله لدفع مبلغ محدد من المال مقابل اطلاق سراحه"، وتلفت"يجب على الحكومة تطهير اجهزتها الامنية حتى نثق بها"، مشددة"اذا وقع اليوم احدهم في مشكلة فانه لا يلجأ الى الشرطة لانه يخشاها". وهناك من يؤكد ان سيطرة هذه العصابات وامكاناتها المادية واللوجستية آخذة بالتنامي منذ الفلتان الامني الذي اعقب الاحتلال وسقوط النظام السابق بشكل يصعب معه القضاء عليها اليوم. ويقول المسؤولون الامنيون في العراق ان الامر يتطلب وقتاً وجهداً لان بعض العصابات تستمد سيطرتها من القوى السياسية والعشائرية وحتى الاقليمية. غير ان السؤال المطروح من قبل المواطن العراقي، الذي يجد نفسه مغلوباً على امره هو: الى متى يبقى الامر كذلك؟