كان صاحب احدى المطابع في شارع الكرادة في بغداد في عمله قبل يومين عندما فتح مسلحون، يرتدون ملابس الشرطة المحلية، الباب واقتادوه على مرأى العمال وتحت تهديد السلاح الى جهة، قال عنها إنها ليست مجهولة بل هي"بيت في أحد الأحياء البغدادية". وشرح الرجل تفاصيل خطفه، مشيراً الى اسمه بحرف ق خوفاً من عملية خطف جديدة:"اقتادتني ثلاث سيارات للشرطة كل واحدة تضم أربعة أو ثلاثة مسلحين يرتدون الزي الأمني وابلغوني انهم من وزارة الداخلية ويريدونني في مهمة خاصة". وتابع ق، وهو أب لثلاثة شباب:"وصلنا الى احدى المناطق رفض ذكرها وهناك عصبوا عيني ثم ادخلوني أحد البيوت، وسمعت اصوات رجال وامرأة، كانوا يتفاهمون على سعر ما. وعرفت بعد قليل انهم المسلحين باعوني الى عصابة جديدة بمبلغ لم اعرفه". وتابع:"ضربوني ومنعوا عني الطعام والماء ثلاثة ايام، ثم اخذوا هاتفي النقال واتصلوا بزوجتي، مطالبين بخمسين ألف دولار فدية... وبعد يومين من المفاوضات خفض المبلغ الى عشرين ألف دولار، أو دفترين كما يسميها العراقيون، وافرجوا عني". وتشير معلومات رسمية وأخرى يوردها المختطفون أن عناصر في الشرطة والجيش العراقيين، بعضهم أعضاء في عصابات مسلحة ومحكومون سابقون يشكلون خلايا مهمتها خطف الاغنياء وبيعهم الى عصابات أخرى خارج المؤسسات الرسمية. وتؤكد وزارة الداخلية ان هؤلاء لا يمتون اليها بصلة، وانهم مجرمون يقتلون ويخطفون ويسرقون باسمها لإبعاد الشبهات عنهم، وافقاد ثقة المواطن بالعناصر الامنية، لا سيما أنه يمكن تقليد الزي الرسمي بسهولة على رغم ان المسؤولين الأمنيين، وعلى رأسهم رئيس الوزراء نوري المالكي، لا يستبعدون وجود عناصر مشبوهة في وزارتي الداخلية والدفاع. ويلفت تاجر عراقي اسمه عبد الرحمن خطف ابنه وافرج عنه بفدية أيضاً أن من خطفه ليس مجموعة مسلحين يعملون للكسب المالي، وإنما عصابة منظمة. ويوضح ان"هدفهم المعلن هو الكسب المادي، ولكن ما خفي أعظم"، ويستطرد:"أكيد أنهم يهدفون الى ضرب الاقتصاد العراقي عبر تفجير الأسواق وخطف التجار". ويلفت الى ان"استهداف رجال الأعمال افضى الى انتقال غالبيتهم الى سورية او الاردن وادارة أعمالهم من هناك عبر وكلائهم الذين لم يسلموا ايضاً من التهديد". ويقول أحد تجار الهاتف النقال في العرصات، وسط بغداد:"تارة يهددني مسلحون يرتدون الزي الأمني للتبرع للميليشيات أو الاحزاب التابعة لها، واخرى يطالبونني بالتبرع للمقاومة. لا اعرف أين الحقيقة في كل ذلك، غير انني اضطر الى الدفع خوفاً على حياتي... اضطررت الى بيع محلي الى شريكي والهرب الى الاردن وافتتاح مشروع بسيط للاستيراد والتصدير". وكان الماكي دعا المستثمرين العراقيين في الخارج الى الاستثمار في بلدهم، مؤكداً نية الحكومة تقديم كل التسهيلات لهم، لكن هذه الدعوة لا تلقى اذناً صاغية لدى التجار، عدا بعض رجال الأعمال الذين يستثمرون أموالهم في كردستان. ويقول اللواء علي الياسري، قائد قوات شرطة النجدة:"لا يمكن احصاء عدد الذين خطفوا من رجال الأعمال في بغداد لأن غالبيتهم لا يقدم شكاوى الى الشرطة ويكتفي بدفع المال ثم الفرار خارج العراق"، مشيراً الى ان"بعض العناصر الاجرامية والارهابية تجد في هذه العمليات طريقة للتمويل المادي".