احتضنت العاصمة الفرنسية، وبرعاية الرئيس الفرنسي جاك شيراك، الندوة الأولى للمحترف الثقافي بين دول ضفتي المتوسط- المغرب العربي، أوروبا والخليج. وجاء اللقاء الأول في سلسلة لقاءات لدعم حوار الحضارات والثقافات بين شعوب المنطقة. وشارك في هذه الندوة التي استمرت ثلاثة أيام مئتا باحث ومثقف وأكاديمي إضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني من أوروبا والمغرب والمشرق والخليج العربي. وعبّر الرئيس الفرنسي لدى افتتاحه هذه الندوة"عن تخوّفه من عالم مهدد بالقطيعة بين الثقافات: الغرب في مواجهة الإسلام، والعلمانيون في مواجهة المتدينين، والشمال في مواجهة الجنوب. وكل التصدعات التي يعرفها العالم توشك أن تتعمق وهذا من شأنه أن يحدث عواقب يخشاها الجميع". وأضاف الرئيس الفرنسي قائلاً:"إن تزايد عدم التفاهم وعدم التسامح سينعكس سلبا على الحيز المشترك الذي يجمعنا، فهذا الحيز المتسم بتنوع موروثاته ودياناته ومجتمعاته، أصبح مسرحا للمواجهات والعنف، وباتت صراعات الشرق الأوسط في قلب عدم استقرار العالم بأسره". وناشد المجتمعين التحرك العاجل والقوي لاستعادة الحوار بين الشعوب. ودعا إلى تبديد الخوف والأفكار المسبقة توصلاً إلى بناء مستقبل مشترك، وطالب بالمعالجة التفاوضية للصراعات والأزمات بدعم من المجتمع الدولي. وهذا الأمر ينطبق، بالنسبة إليه، على الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وكذلك على الوضع في العراق ولبنان. أما المحترف فيطمح إلى إعداد مشاريع يمكن أن تنفذها الحكومات والمؤسسات الإقليمية الدولية والهيئات الثقافية والإعلامية. ومن هذه المشاريع الإشراف على محتويات الكتب التاريخية المدرسية والإنتاجات المشتركة في وسائل الإعلام التي تبث في دول الشمال والجنوب. وأطلق الرئيس شيراك ثلاث مبادرات تصب في دائرة الحوار بين الحضارات هي: التعاون في مجال تقنين النصوص التشريعية وإصلاح القوانين، إضافة إلى العمل على إصدار ميثاق للحوار يحدد قواعد التعايش المشترك في إطار العولمة. من المحاور الرئيسة التي تناولها المحترف موضوع التصدعات الثقافية وأثرها على الذاكرة والتاريخ، لا سيما مسألة الاستعمار وقضايا التحرر، إضافة إلى العناية بكتابة التاريخ سواء كان وطنياً أو مشتركاً بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط. ويتأكد هنا كيف تمثل كتابة التاريخ إحدى الهواجس الأساسية للمجتمعين. وتطرق المحور الثاني لدور الإعلام في دعم الحوار بين الشعوب أو إحداث النزاعات والتصادم بين الأمم خاصة منها ما تنقله القنوات التلفزيونية. وتناول المحور الثالث دور الأديان التوحيدية الثلاثة: الإسلام، المسيحية واليهودية في تحالف الحضارات. أما المحور الرابع فخصص لموضوع الإصلاحات بما فيها قوانين الأحوال الشخصية، ووضع المرأة والشباب وحق الأقليات وتنمية دور المجمع المدني وحسن تسيير الموارد الوطنية وكلها من المسائل المهمة. وخصص المحور الخامس لدور التربية والتعليم من خلال تطوير المناهج وتوحيد البرامج ومن خلال التعاون بين جامعات حوض البحر المتوسط. وتطرق المحور السادس والأخير إلي دور القيم والقواسم المشتركة في دعم التقارب بين شعوب المنطقة.