تمسك الاتحاد الأوروبي بالحوار مع ايران، في موقف وسط بين تشدد واشنطن ودعوتها الى فرض عقوبات على طهران، ومعارضة موسكو، ومعها بكين ضمنياً، لاتخاذ إجراءات عقابية"تغلق الباب امام فرص التسوية"بحسب تعبير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. جاء ذلك غداة تقديم المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي تقريره عن الملف النووي الإيراني الى مجلس الأمن، والذي تزامن مع انتهاء مهلة حددها المجلس لطهران لوقف تخصيب اليورانيوم. واعتبرت طهران ان التقرير يثبت التزامها القواعد الدولية التي تحكم النشاطات النووية السلمية، كما يؤكد"تعاون"الجانب الإيراني مع الوكالة، فيما واصل المسؤولون الإيرانيون وفي مقدمهم الرئيس محمود احمدي نجاد تأكيدهم رفض طلب وقف التخصيب. راجع ص7 وعشية بحث وزراء الخارجية الأوروبيين في الملف الإيراني، خلال اجتماعهم في بلدة لابينرانتا الفنلندية اليوم، أعرب عدد منهم عن تفضيلهم"إبقاء باب الحوار مفتوحاً"مع ايران، خصوصاً في انتظار اجتماع الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا مع سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، في برلين مطلع الأسبوع المقبل. وقال سولانا ان الميل الأوروبي الى الحوار مع طهران، لا يعني"إعطاءها مهلة مفتوحة"للتمادي في تجاهل المجتمع الدولي. وأبدى وزير الخارجية الفنلندي اركي توميويا الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد، معارضة الاتحاد"قراراً مبكراً بالعقوبات"، موضحاً ان"الديبلوماسية لا تزال الخيار الأول"للتعامل مع ايران في نظر الأوروبيين. وعكست مواقف بريطانياوفرنسا وإيطاليا والدنمارك إجماعاً على"الحوار"، فيما شدد وزير الخارجية الألماني فرانز فالتر شتاينماير على ضرورة"الحفاظ على وحدة المجتمع الدولي"، و"الحيلولة دون انقسام مجلس الأمن"إزاء الأزمة مع ايران. جاء ذلك في وقت صعّدت موسكو لهجتها المعارضة لفرض عقوبات على ايران، إذ دعا لافروف الى استخدام"وسائل مختلفة"لضمان الالتزام بمعاهدة منع انتشار أسلحة الدمار الشامل"مع مراعاة حقوق الدول في تطوير طاقتها النووية للأغراض السلمية". وأكد لافروف ان روسيا"تفترض استخدام وسائل مختلفة في حل القضية النووية الإيرانية، وليس فقط تلك التي تسد الطريق نحو التسوية"، في اشارة الى العقوبات. وأوضح مصدر ديبلوماسي روسي ل"الحياة"ان موسكو تشعر ب"خيبة أمل عميقة لعدم إبداء ايران مرونة كافية"في التعامل مع عرض الحوافز الغربي الهادف الى إقناعها بوقف التخصيب، لكنه أشار الى ان المناقشات التي ستجريها الدول الست مقدمة العرض، في فيينا في السادس من الشهر الجاري،"ستشهد سجالات ساخنة لأن موسكو تفضل ممارسة ضغوط على طهران من دون فرض عقوبات مباشرة، وتخشى تكرار السيناريو العراقي الذي اظهر فشل العقوبات في عزل النظام السياسي، فيما زادت معاناة المدنيين على نطاق واسع". وفي روما أ ف ب، اعلن رئيسا الوزراء الفرنسي دومينيك دو فيلبان والإيطالي رومانو برودي ان المجتمع الدولي لا يمكنه القبول بمواصلة ايران نشاطاتها النووية. وأعرب دو فيلبان في مؤتمر صحافي مع برودي عن"أسف شديد للرد غير المرضي الذي قدمته ايران"على عرض الحوافز، داعياً المجتمع الدولي الى"ان يؤكد تصميمه"في هذا الإطار. لكنه أضاف:"يجب ان يبقى الباب مفتوحاً للحوار، علماً ان المجتمع الدولي لا يمكنه القبول بعدم احترام الالتزامات". ورأى رئيس الوزراء الإيطالي ان"ايران تشكل أحد اكبر التحديات التي يتوجب حلها". وشدد على"الانسجام الكامل"بين فرنسا وإيطاليا في هذا الشأن، مؤكداً ان"التنسيق بين البلدين يجب ان يمتد الى ايران". الى ذلك، شدد السفير الأميركي لدى فرنسا كريغ ستابلتن في ندوة مشتركة مع السفير الفرنسي لدى الولاياتالمتحدة جان دافيد ليفيت على"ضرورة العودة الى قرار مجلس الأمن القاضي بفرض عقوبات، بعدما أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ان لا ضمانات بأن نشاطات ايران النووية مقتصرة على الاستخدام المدني". ورأى السفير الأميركي ان"على الروس والصينيين متابعة القرار الذي أيدوه"، وأضاف:"قدمنا تسوية وقلنا اننا مستعدون للحوار مع ايران للمرة الأولى منذ 26 سنة اذا أوقفوا برنامجهم النووي"، لكن الجانب الإيراني لم يلتزم. أما السفير الفرنسي فاعتبر ان"من الواجب عدم التقليل من قدرة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، خصوصاً الترويكا الأوروبية على البقاء على وفاق"في الموقف من ايران. وزاد:"قدمنا طرحاً جديداً وحسناً للإيرانيين قبل أسابيع واعتمدنا في الوقت ذاته لائحة عقوبات ممكنة اذا لم توقف ايران التخصيب. لدينا اتفاق حول الجزرة والعصا، ووصلنا الى الفترة الصعبة وعلينا ان نختار ما سنأخذ من لائحة العقوبات، وفي الوقت ذاته سنستمر في الحوار مع ايران". ولفت الى"دورها المهم"في المنطقة.