أبدت طهران استعدادها لتعليق تخصيب اليورانيوم مدة شهرين، في مقابل شروط أبرزها عدم اصدار مجلس الأمن قراراً بفرض عقوبات عليها، والاعتراف بحقها في امتلاك برنامج نووي لتوليد الطاقة، بما في ذلك إنتاج دورة الوقود لهذا البرنامج. جاء ذلك خلال لقاء سكرتير مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني المكلف الملف النووي لبلاده مع الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا في فيينا نهاية الأسبوع الماضي. ويهدف الاقتراح الإيراني الى تسهيل عملية التفاوض على عرض الحوافز الذي قدمه الغرب الى طهران لإقناعها بوقف تخصيب اليورانيوم. وأعلن لاريجاني لدى عودته الى طهران امس، ان بلاده تحتاج الى ضمانات خطية"تحدد بوضوح واجباتنا وطريقة التمهيد للتفاوض الذي يمكن عبره التوصل الى تسوية اذا كانت الأجواء بنّاءة". وفي وقت أعرب الرئيس الفرنسي جاك شيراك عن أمله بأن ينجح الحوار مع طهران الذي بدأه سولانا، أكدت واشنطن تمسكها بسياستها حيال ايران، واعترفت باتباعها معايير مزدوجة في التعامل مع الملف الإيراني. وقال ريتشارد باوتشر مساعد وزيرة الخارجية الاميركية:"هناك ازدواجية في المعايير، ويجب أن تكون الازدواجية في المعايير"، وذلك رداً على سؤال عما اذا كان اتفاق التعاون النووي بين واشنطن ونيودلهي بعث برسالة خاطئة الى طهران. وأوضح باوتشر الذي كان يتحدث بعد لقائه وزير الخارجية الألماني فرانز فالتر شتاينماير، ان"دولة تطرد المفتشين وتخرق التزاماتها وتتراجع عن تعهداتها وترفض القبول بالاتفاقات، يجب أن تعامل بطريقة تختلف عن دولة لديها سجل جيد في مجال منع الانتشار وتريد أن تتماشى بدرجة اكبر مع المجتمع الدولي". وأبدى المندوب الأميركي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية غريغوري شولت ارتياح بلاده لنتائج محادثات سولانا - لاريجاني، لكنها ما زالت تشعر بالحاجة الى ردع ايران عن إطالة أمد أي محادثات ريثما تتقن تكنولوجيا التخصيب. في غضون ذلك، وجه زعماء 38 دولة أوروبية وآسيوية نداء مشتركاً من أجل حل ديبلوماسي للأزمة النووية مع إيران. وحض بيان صدر امس، في نهاية قمة استغرقت يومين حضرها زعماء 25 دولة من الاتحاد الأوروبي و 13 دولة آسيوية، إيران على الرد بالإيجاب على عرض الحوافز الغربي. ودعا المشاركون في القمة إيران إلى قبول الاقتراحات المقدمة من الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، من أجل"ترتيبات شاملة تعتمد الاحترام المتبادل وتحقيق الثقة الدولية بالطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني". في الوقت ذاته، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه"لا يجوز وصف رد طهران على العرض بأنه مرض جداً، لكنه يبقي فرصة للحوار". وأكد لافروف ضرورة أن تجرى المحادثات مع ايران في ظروف لا تترك لدى المجتمع الدولي أي مجال للشك في أهدافها، وقال اثر عودته من جولة في الشرق الأوسط:"نحن مقتنعون بأن إيران لا ترغب في أن تكون منعزلة. وللأسف الشديد، لا تبدو كل تصرفات الإيرانيين مناسبة لتلك الجهود التي تبذلها روسيا وبلدان أخرى". وأضاف أن روسيا ستقوّم احتمال فرض عقوبات على إيران، بمستوى"التهديد الواقعي"للسلام والأمن. ودافع عن إصرار موسكو على التعاون مع طهران في بناء مفاعل"بوشهر"النووي لتوليد الطاقة، مشيراً إلى أن هذا التعاون في مجال التقنيات النووية السلمية يساعد في إبقاء طهران في إطار نظام منع انتشار الأسلحة الذرية. وفي فيينا، رحب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي في مستهل اجتماعات مجلس محافظي الوكالة امس، بنتائج محادثات سولانا - لاريجاني، وحض على مواصلة السعي الى إيجاد حلٍ دائم لمشكلة عدم ثقة المجتمع الدولي بطبيعة البرنامج الإيراني. وأكد البرادعي أن المجتمع الدولي ما زال يراهن على حل أزمة الملف النووي الإيراني بالطرق الديبلوماسية وعبر الحوار. واستعرضت الوكالة تقرير البرادعي الأخير حول إيران وآخر التطورات المتعلقة ببرنامجها النووي، في ضوء ما توصلت إليه نشاطات الرقابة والتحقق التي قام بها مفتشو الوكالة خلال الأشهر القليلة الماضية، أثناء زياراتهم الميدانية لعدد من المنشآت النووية الإيرانية، وأخذ عينات بيئية لتحليلها في مختبرات الوكالة للتأكد من خلوها من الإشعاع النووي. الى ذلك، نشرت صحيفة"كوريير"النمسوية امس، مقابلة مع لاريجاني لمّح فيها الى ان بلاده ربما تدرس تعليق تخصيب اليورانيوم في شكل موقت. وقال ان هذا امر"يتم التفكير فيه"وان"الحلول المعقولة دائماً محل تفكير". لكن لاريجاني قال إن تخصيب اليورانيوم واحد فقط من المسائل المثارة في المحادثات حول عرض الحوافز الاقتصادية والفنية. واعترف بأن الرد الإيراني"غير شفاف وغير واضح بعض الشيء". مؤكداً ان"نقاط سوء التفاهم"أزيلت خلال محادثاته مع سولانا وأن بعض التقدم تحقق في هذا الشأن. وفي هلسنكي، أشار المستشار النمسوي فولفغانغ شوسيل إلى إمكان عقد لاريجاني وسولانا اجتماعاً آخر في فيينا خلال أسبوع.