دعا المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، البابا بنديكتوس السادس عشر إلى التأمل في دين الإسلام بإنصاف وتجرد، ومطالعة القرآن الكريم وصحيح السنة النبوية. وقال آل الشيخ في تصريحات نقلتها"وكالة الانباء السعودية"امس إن الإسلام جاء بدعوة الناس بالتي هي أحسن، ودلل على ذلك بقول الله عز وجل:"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"، ويقول عز وجل:"وقولوا للناس حسنا". ويقول عن نبيه:"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين". وأعرب عن ألمه لما تحدث به البابا عن الإسلام، خصوصاً أن الكلام جاء في هذا العصر الذي انتشر فيه العلم وتجلّت فيه الحقائق. وقال إن شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم محفوظة بحفظ الله عز وجل للقرآن الكريم، الذي تمت ترجمة معانيه إلى كثير من لغات العالم ولله الحمد، مؤكداً أن من طالع القرآن والسنة عرف حقيقة الأمر. وأوضح المفتي أن له مع كلام البابا وقفتين، مشيراً إلى أن الوقفة الأولى هي محاولة تجاهل رسالة النبي محمد ص، والتشكيك في دينه وكونه من عند الله عز وجل. وهنا أنبّه إلى أمرين مهمين: أولهما، أن النبي محمداً جاءت البشارة به من عيسى عليه السلام، كما قال تعالى مخبراً عن قول نبيه عيسى عليه السلام:"ومبشّراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد". وهكذا جاءت البشارة به في أسفار الأنبياء من بني إسرائيل عليهم السلام. واضاف:"والمقصود أن رسالة النبي محمد ثابتة بالنص وبالعقل وبالمبشرات قبل أن يبعث، ولهذا لما جاءه جبريل عليه السلام بالوحي، أخبره ورقة بن نوفل -وهو من علماء أهل الكتاب - أن ذلك هو الناموس الذي نزل على موسى عليه السلام، وأخبره بما يجد في كتبهم من أن قومه سيخرجونه من بلده مكة. وغير ذلك من الأمارات التي تحققت في ما بعد". وتابع المفتي: أما الأمر الثاني، فهو أن ديننا أوجب علينا الإيمان بجميع أنبياء الله ورسله، وحرَم علينا التكذيب بأحد منهم أو تنقصه، يقول الله عز وجل:"آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله". وقال الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ ان"الوقفة الثانية هي الزعم بأن دين الإسلام ما انتشر إلا بحد السيف، وهنا نوضح أموراً منها: اولا، أن نشر الإسلام مر بمراحل، منها الدعوة السرية ثم الجهرية في مكة، ثم في المدينة، ثم أذن الله للمؤمنين بالدفاع عن أنفسهم، وقتال من قاتلهم، وهذا حق شرعه الله لهم. وبعد أن ظهر أمر الإسلام وأُمر النبي ص بإبلاغه إلى البشر كافة، وقف الأشرار في وجه هذا الواجب المقدس، فلم يكن بد من إزالة كل ما يعوق تنفيذ هذا الواجب، إلا أن رسول الله، وهو نبي الرحمة، لم يجعل القتال أول خيار له، بل كان إذا غزا قوماً دعاهم إلى إحدى ثلاث: إما الإسلام، أو الاستسلام ودفع الجزية مع بقائهم في أرضهم وإقراراهم على دينهم وحماية المسلمين لهم، فإن أصر القوم فلا خيار بعد ذلك إلا القتال، لإزالة هذه العقبة التي وقفت في وجه تنفيذ أمر الله عز وجل. ثانياً: أن كل منصف يعلم أن الناس ليسوا على درجة واحدة، فمنهم أهل الخير ومنهم أهل الشر، ومنهم من تكون فيه نزعة من هذا ونزعة من ذاك، ومعاملة الجميع بالمعاملة نفسها مما لا يرضاه الرب عز وجل، ولا يقره العقل، ولا تستقيم به الحياة. ثالثاً: أن أمر القتال لم يبتدئ من نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، بل إن هناك من الأنبياء من قاتل أعداءه، بل ومن أنبياء بني إسرائيل عليهم السلام كموسى عليه السلام وداود عليه السلام وغيرهما صلوات الله وسلامه على جميع أنبياء الله ورسله". من جهته، طالب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله التركي البابا بنديكتوس بمراجعة دقيقة للمبادئ الإسلامية، ولسيرة الرسول محمد التي تكذّب فرية الإمبراطور البيزنطي وتطاوله على الإسلام ورسوله، مبيناً أن العالم اليوم لا يتحمل أزمات وصراعات أكثر مما يعيشه، وأن على عقلائه من زعماء ومؤسسات، سواء أكانت دينية أم سياسية أم حضارية أم ثقافية، أن تبذل مزيداً من الجهود لتخفيف التوتر العالمي، وصراع الثقافات والحضارات، وأن تكف عن النيل من الإسلام ونبيه وكتابه وحضارته، وأن تستفيد منه في تقوية العلاقات، وإقرار الأمن والسلام، ورفع الظلم والعدوان، وفي محاربة الإرهاب والتطرف، وفي تأصيل القيم الفاضلة. وحذّر التركي من خطورة تكرار المقولات التاريخية التي برزت من قبل في قرون الظلام، مشيراً إلى أنها تؤجج المشاعر وتثير الأحقاد، وتؤدي إلى الكراهية بين الشعوب، وتؤثر سلباً في التعايش الإنساني، وفي سلامة الحوار بين أتباع العقائد والحضارات المختلفة. إلى ذلك، أعربت"الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان"في السعودية، في بيان تلقت"الحياة"نسخة منه، عن أسفها لصدور مثل هذه الأقوال عن أكبر مرجع ديني في المسيحية، وقالت انها لا تخدم التعايش والسلم العالميين، كما انها تؤجج الصراع بين أتباع الأديان، وتوسع الهوة التي تسببت فيها تصريحات بعض السياسيين الغربيين ومواقفهم المعادية للمسلمين وحقوقهم، ما يعد انتهاكاً واضحاً لحقوق الإنسان.