بينما تحتفل فرنسا بالذكرى الستين للكتاب الأسطورة"الأمير الصغير"لأنطوان دو سانت اكزوبري، يقيم متحف" Memorial de Caen"في منطقة"النورماندي"معرضاً تحت عنون:"أنطوان وكونسويلو دو سانت اكزوبيري/ أشياء من حياة". وهدف المعرض تكريم زوجة دو سانت اكزوبري التي كرست حياتها لحماية ذكرى هذا الرجل. يكشف المعرض من خلال أربعة محاور رئيسة عن حياة الكاتب، فيتطرق إلى عمله كطيار في طيران البريد الفرنسي، وإلى قصة حبه مع زوجته السلفادورية كونسويلو سان سين، وهي قصة الحب الرومانسي التي بدأت عندما التقى الطيار أنطوان بكونسويلو في العاصمة الأرجنتينية"بوينس أيرس"عام 1930. ومنذ اللحظة الأولى، تعلق الرجل بكونسويلو بالرغم من ترمّلها مرتين، وطلب الزواج منها من دون تردد، وارتبط بها بالرغم من معارضة عائلته. كان أثناء أسفاره الكثيرة يراسلها بخطابات ملتبهة بأشواق الحب ومشاعره الهياجة. وكان كلما عاد إليها من تلك الأسفار، تعود الخصومات بينهما. وبعدما تفاقم هذا الوضع، انفصل الزوجان لفترة قبل أن يجتمعا في نيويورك أثناء الحرب العالمية الثانية حيث عكف أنطوان دو سانت اكزوبيري على كتابة أحد أهم أعماله الأدبية على الإطلاق ألا وهو"الأمير الصغير"، وكان ذلك في عام 1943. ومنذ طبعته الأولى، عرف الكتاب 160 ترجمة من بينها الترجمة العربية الرائدة التي تحمل توقيع الكاتب اللبناني يوسف غصوب. ويحتل"الأمير الصغير"المرتبة الأولى على قائمة المبيعات في العالم وتبلغ نحو 80 مليون نسخة. عاش الزوجان أربعة عشر عاماً كانت مزيجاً من الحب والسعادة والخيانات من جانب دو سانت اكزوبيري مما أدى بكونسويلو إلى طلب الطلاق. ولما التقى الزوجان في مكتب المحامي لتنفيذ الطلب، اقترب أنطوان دو سانت اكزوبيري من زوجته مقبّلا إياها قائلاً لها:"آه كم أهزأ من القوانين، وكم أحبّك". وهكذا، وأمام دهشة الحاضرين، تعانق الزوجان مرّة جديدة وقبلت كونسويلو قدرها. يشعر الزائر بشيء من القرب لهذين الزوجين لاسيما عندما نشاهد العشرات من مقتنياتهما الشخصية من صور وفساتين لكونسويلو، خصوصاً فستان الزواج المصنوع من الدانتيلا السوداء على الطريقة الأسبانية. فقبل زواجها من أنطوان دو سانت اكزوبري، ترملت كونسويلو مرتين كما ذكرنا وهو الأمر الذي لم تغفره لها والدة الأديب. ومن المقتنيات الشخصية تستوقفنا آلة الكتابة التي كان يستعملها الكاتب، وقلمه، وعلب سيجاره وكان من هواة السيجار الكوبي، بالإضافة إلى حاملة أوراقه الشخصية ولعبة الشطرنج... إلخ يتوسط المعرض طاولة خشبية تحمل أولى رسومات"الأمير الصغير"كما وضعها الكاتب بنفسه، وتتجاور إلى جانب الرسم، إمضاءات مجموعة من أصدقاء أنطوان دو سان أكزوبري في منفاه الأمريكي، منهم انغريد برغمان، جان غابان، غريتا غاربو، مارلين ديتريتش، جان رونوار وآخرين ممن اختاروا الولاياتالمتحدةالأمريكية ملجأ لهم، أثناء احتلال ألمانيا للأراضي الفرنسية في الحرب العالمية الثانية. في قسم آخر من المعرض خصص جناح للمسيرة الأدبية لسانت اكزوبيري من خلال وثائق ومخطوطات ونسخ من أعماله منها"طيار حرب"1941 و"أرض الرجال"1939 و"رحلة الليل"1931، إلى جانب مخطوطات من كتابه"القلعة"الذي لم يتمكن الأديب من إنجازه إذ فقد حياته في 31 يوليو 1944 وكان في مهمة عسكرية فوق المتوسط أثناء الحرب العالمية الثانية. من الأشياء المعروضة أيضاً برقيات، رسائل حب تبادلها الزوجان، مخطوطات وصور لمشاريع كتب، وبقايا الطائرة التي يقال إنها بقايا الطائرة التي تحطمت بالكاتب ووجدت أخيراً في أعماق الماء. إنها الذخيرة التي احتوتها حقائب الأسفار وصناديق الرحلات العديدة التي رافقت الزوجين بين قارات أمريكا وأوروبا وإفريقيا.