تصدر استمرار الحصار الاسرائيلي على لبنان بحراً وجواً، الاهتمام الرسمي الذي تنقل أمس بين خطاب ألقاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري في مدينة صور لمناسبة الذكرى الثامنة والعشرين لاختفاء رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان مؤسسه الإمام السيد موسى الصدر في ليبيا، وبين محادثات واتصالات أجراها رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة في استوكهولم، على هامش مؤتمر المانحين الدوليين لدعم لبنان. راجع ص 2 و3 وقررت أكثر من 60 دولة ومنظمة إنسانية شاركت في مؤتمر استضافته السويد للمساهمة في إعادة إعمار لبنان، وشارك في اعماله رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، تخصيص أكثر من 940 مليون دولار لهذا الغرض. واعتبر المؤتمرون في بيانهم الختامي، أن"استمرار الحصار الإسرائيلي من الجو والبحر على لبنان يعد خرقاً فاضحاً"يعرقل الجهود الأولى لإعادة الإعمار. وطالبوا الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بالتدخل فوراً لرفع هذا الحصار، كما ناشدوا جميع الأفرقاء في الشرق الأوسط دعم العمليات الإنسانية في لبنان. ووصل انان بعد ظهر امس من عمان الى دمشق في زيارة سيطلب خلالها من سورية التعاون من اجل استقرار الوضع في لبنان. والتقى انان وزير الخارجية السوري وليد المعلم، على ان يجري اليوم محادثات مع الرئيس بشار الاسد، يتوقع ان تتركز على تطبيق القرار الدولي الرقم 1701. وذكرت معلومات في دمشق ان سورية ستؤكد امام انان رغبتها بالتوصل الى حل عادل وشامل في الشرق الاوسط، خصوصا ان القرار 1701 يشير الى ضرورة استئناف عملية السلام الاسرائيلية - العربية. وهذه الزيارة هي الاولى لمسؤول دولي كبير لدمشق منذ شهور عدة. وكان انان زار لبنان واسرائيل والضفة الغربية والاردن. ومن المقرر ان يزور في اطار جولته في المنطقة ايضا ايران وقطر وتركيا والسعودية. وفي بيروت، جاء الاهتمام الرسمي اللبناني برفع الحصار الجوي والبحري، والذي شارك في جانب منه رئيس"كتلة المستقبل"النيابية سعد الحريري، من خلال اتصالات اجراها امس بكل من مساعد وزيرة الخارجية الاميركية ديفيد ولش وعدد من كبار المسؤولين الفرنسيين، مع اقتراب الموعد الذي كان حدده الأمين العام أنان في زيارته لبيروت، لرفع هذا الحصار، من دون ترجمة التفاؤل بخطوات ملموسة من شأنها ان تعيد للبنان تواصله مع الخارج، من دون أي قيود اسرائيلية. وفي هذا السياق طالب بري أمام حشد ضم عشرات الألوف في صور، الحكومة بفك الحصار البحري والجوي، والبدء بتنظيم الرحلات الجوية عبر مطار رفيق الحريري، داعياً الدول الشقيقة والصديقة الى التضامن مع لبنان على هذا الصعيد، بتسيير رحلاتها الجوية والبحرية من مطار بيروت ومرفئها واليهما. وأكد بري انه لن يقبل استمرار الحصار مهما كلف الأمر، داعياً النواب الى الاعتصام في صورة دائمة في مقر البرلمان، حتى"فك الحصار الجبان مهما طال أمده". كما دعا بري كل الدول العربية التي لديها تمثيل في اسرائيل الى سحبه على الأقل ووقف التبادل الاقتصادي، طالما استمر الحصار. وإذ رفض بري أي اتهام للشيعة بالخروج عن الدولة، أكد ان الإمام المغيب موسى الصدر هو"أول من شدد على ان لبنان وطن نهائي لجميع ابنائه"، وقال ان هذه العبارة بالذات أدخلت في مقدمة الدستور اللبناني الجديد الذي انتجه اتفاق الطائف. ولفت بري الى انه من موقعه البرلماني وكرئيس لحركة"أمل"بالنيابة عن الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله، ملتزم بالقرارات الإجماعية لمؤتمر الحوار الوطني. وأضاف:"سنقوم بأقصى سرعة بالحوار، من اجل انجاز الاستراتيجية الدفاعية للبنان"، مشيراً الى انه سيتواصل داخل مجلس الوزراء وخارجه لتوفير كل الدعم لموقف الحكومة حيال التزاماتها بموجب القرار 1701 وتمكين الجيش اللبناني من تنفيذ مهماته بالكامل في الجنوب، الى جانب القوات الدولية. وجدد بري رفضه كل محاولة لتدويل الأمن على الحدود اللبنانية - السورية، داعياً"الاشقاء العرب"الى"التوحد حول لبنان ودعم وحدته الوطنية وصيانة النظام العام فيه، ومنع أي ارباكات، سواء كانت أمنية ام سياسية ام اقتصادية ام اجتماعية". كما دعا الى"تطبيع العلاقات العربية - العربية والعلاقات العربية - الايرانية من أجل دعم لبنان ولمواجهة الاستحقاقات"الحالية والمقبلة. واعتبر رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري ان خطاب بري"يشكل رؤية صافية لتعزيز الوحدة الوطنية"، داعياً الى التجاوب مع ندائه لمواجهة الحصار الاسرائيلي. وقال انه يضم صوته الى صوت بري"في اعتباره حكومة الرئيس فؤاد السنيورة حكومة المقاومة السياسية في وجه العدوان. وإعلانه دعمها في تنفيذ القرار 1701". الى ذلك، قالت اوساط الحريري ل"الحياة"انه حذر في اتصالاته من لجوء اسرائيل الى اطاحة القرار 1701 في الوقت الذي يلتزم لبنان تنفيذ كل ما يترتب عليه بموجب هذا القرار. وتوقع الحريري كما تبلغ من الجهات الدولية التي اتصل بها رفع الحصار الجوي قريباً، مؤكداً انه سيواصل جهده لتأتي هذه الخطوة متزامنة مع انهاء الحصار البحري للبنان، كاشفاً عن تحقيق تقدم ملموس بهذا الشأن. على صعيد تبادل الأسرى بين"حزب الله"واسرائيل، قالت مصادر رسمية لبنانية ل"الحياة"ان موفدين اوروبيين، بينهم ألمان وإيطاليون، سيصلون قريباً الى لبنان، في محاولة جدية لتوفير الظروف المواتية لإتمام عملية التبادل في أسرع وقف ممكن. وأكدت المصادر ان لا مشكلة لدى"حزب الله"بأن تتولى الحكومة اللبنانية التفاوض بالنيابة عنه في هذا الموضوع، ومن طريق طرف ثالث يتواصل مع اسرائيل لهذا الغرض. لكنها لاحظت رفض الحزب أي عملية تبادل تقوم على إفراجه غير المشروط عن الجنديين الاسرائيليين الأسيرين، مشيرة الى انه يشترط مبدأ التزامن في إطلاق الأسرى. وكان السنيورة اشار في لقاء صحافي في استوكهولم، الى ان هناك محادثات مع اسرائيل في شأن اطلاق الجنديين، مؤكداً ان البحث جارٍ في هذه المسألة لكن الاتصالات لم تنتج بعد شيئاً ملموساً. ومن القدسالمحتلة، نقلت وكالة"رويترز"عن مصدر سياسي اسرائيلي رفيع المستوى، قوله امس ان الدولة العبرية مستعدة لمناقشة اطلاق السجناء اللبنانيين، في مقابل الجنديين الاسيرين. ورجح ان تجرى أي مفاوضات من خلال وسيط ومع الحكومة اللبنانية وليس"حزب الله".