وعدت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس برفع الحصار عن مطار بيروت في أقرب وقت ممكن. جاء ذلك في اتصال أجرته أمس برئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة، فيما ينتظر أن يحتل إبقاء الحصار الإسرائيلي على لبنان جواً وبحراً وعدم انسحاب القوات الإسرائيلية من مناطق حدودية جنوبية، المرتبة الأولى في المحادثات التي سيجريها رئيسا المجلس النيابي نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الذي سيصل الى بيروت بعد ظهر غد الاثنين، في اطار جولته على عدد من دول المنطقة. وجاء اتصال رايس بالسنيورة بعد ظهر أمس، إثر الاتصال بينهما ليل الخميس الماضي، والذي أثار حفيظة رئيس الحكومة اللبنانية حين حاولت الوزيرة تبرير تأخير رفع الحصار الإسرائيلي بالرقابة على المعابر والحدود، فرفض كلامها مؤكداً أن ما يجري مخالف للقرار 1701 وعقاب لكل الشعب اللبناني وتبريره غير مقبول. ووزع المكتب الإعلامي للسنيورة خبراً عن اتصال رايس أمس، جاء فيه أن الوزيرة الأميركية أبلغت رئيس الحكومة انها"تبذل جهدها في شكل جدي وحثيث لرفع الحصار عن مطار بيروت في أقرب وقت ممكن، آملة بأن تسفر جهودها عن النتائج المرجوة، وشددت على أهمية أن تتولى السلطة اللبنانية ضبط المعابر على الأراضي اللبنانية". وتابع المكتب الإعلامي أن السنيورة"اعتبر أن الدولة اللبنانية ماضية في خطتها لضبط الحدود وكل المعابر الحدودية". وعلمت"الحياة"ان السنيورة أبلغ رايس خلال الاتصال أن لبنان ليس في وضع يستطيع معه أن يقبل بالمماطلة الإسرائيلية في رفع الحصار، وباستمرار تغاضي الدول المعنية عن ذلك. وأكدت مصادر ثقة ل"الحياة"أن السنيورة قال لرايس:"استنفدنا كل الوسائل السياسية للمطالبة برفع الحصار، وإذا كنتم تطالبون بضبط المعابر، فإن السلطات المعنية تقوم بذلك على الصعيد الأمني". وكانت اللجنة الأمنية العليا التي كلفها مجلس الوزراء اللبناني الإشراف على تدابير ضبط المعابر الجوية والبحرية والحدودية، برئاسة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي، قدمت تقريراً الى السنيورة أمس حددت فيه التدابير المتخذة، وفندت الإجراءات السريعة التي يمكن الأجهزة الأمنية اتخاذها في مطار رفيق الحريري الدولي، وفي المرفأ بعد زيارتين إليهما أمس والجمعة. وقالت مصادر أمنية أن اللجنة حددت التدابير السريعة، وتناولت تلك التي يمكن اتخاذها على مدى أبعد، بحيث يعاد تركيب جهاز الرقابة على المرفأ والمطار. وفي سياق ضبط المعابر قالت مصادر رسمية ل"الحياة"أن الجيش اللبناني ضبط قبل يومين سيارات فيها أسلحة ومتفجرات دخلت الى لبنان عبر أحد المعابر، من سورية. وأثيرت هذه الواقعة في بعض دوائر السلطة السياسية حيث تقرر الإعلان عن كل ما يضبطه الجيش على كل الأراضي اللبنانية. جاء هذا التطور في وقت ازدادت وطأة الحصار الإسرائيلي على اللبنانيين وأخذت تؤثر في وصول المواد الأساسية والمساعدات الإنسانية الى لبنان. فبعد منع وصول طائرة مغربية الخميس الماضي الى مطار بيروت، عند بلوغها أجواء قبرص، رفض المسؤولون على سفينة ليبية محملة مساعدات وسيارات إسعاف أن تفتشها البحرية الإسرائيلية في عرض البحر قبل دخولها المياه الإقليمية، وعادت السفينة أدراجها الى الشاطئ الليبي. وكان زعيم تيار"المستقبل"النائب سعد الحريري أجرى اتصالاً بمساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ولش الأربعاء الماضي، أبلغه فيه أن اللبنانيين"لم يعودوا يحتملون الضغط المتواصل عليهم من إسرائيل، والمجتمع الدولي يتفرج على استمرار الحصار الذي يشكل نقضاً فاضحاً للقرار 1701". وقال الحريري لولش:"هذا ضغط علينا وعلى الناس والحكومة، ولن نسكت عنه، ولن نقبل استمرار تغطية الموقف الإسرائيلي". وشهد مجلس الوزراء الخميس الماضي مناقشات دعا فيها بعض وزراء الأكثرية الى اتخاذ موقف من الإدارة الأميركية التي"تغطي استمرار إسرائيل في خرق القرار 1701". وقرر المجلس"استخدام كل الوسائل وعدم توفير أي جهة تدعم إسرائيل في خرقها للقرار". وأعلن وزير الإعلام اللبناني غازي العريضي أمس ان"الإدارة الأميركية تقف الى جانب إسرائيل في استمرار الحصار، ونستنكر ونرفض رفضاً قاطعاً هذا الموقف بعد القرارات التي صدرت عن مجلس الوزراء، والإجماع على الدعوة الى رفع الحصار". وتمنى العريضي أن يأتي أنان الى بيروت غداً والحصار قد رفع"لأننا لا نستطيع كلبنانيين أن نتحمل مزيداً من الإذلال والحصار من قبل إسرائيل". وإذ لوح بموقف من الحكومة لن يستثني أي جهة تدعم الموقف الإسرائيلي، قال مستشار رئيس الحكومة الدكتور محمد شطح لوكالة"فرانس برس"أمس أن أول بنود المحادثات مع أنان غداً، سيكون رفع الحصار في شكل كامل عن لبنان، والخروق الإسرائيلية اليومية للأجواء اللبنانية والخط الأزرق". واعتبر شطح ان"استمرار الحصار خرق للقرار 1701 وعقاب جماعي لجميع اللبنانيين من دون أي مبرر، فضلاً عن ان الخروق الجوية تهدد وقف النار وقد تؤدي الى تصعيد غير متوقع". وقال شطح ان البحث مع أنان سيشمل موضوع مزارع شبعا التي يقترح لبنان وضعها تحت وصاية الأممالمتحدة، في انتظار تحديد حدودها. وكان لبنان سلم وفد الأممالمتحدة الذي زار بيروت نهاية الأسبوع الماضي وثائق عن ملكية المزارع من لبنانيين. الى ذلك، قال نائب الأمين العام ل"حزب الله"الشيخ نعيم قاسم أمس بعد استقباله رئيس الحزب الإسلامي الماليزي عبدالهادي أوانغ:"إننا نرى كيف أن اسرائيل تخالف القرار الرقم 1701 وتعتدي يومياً، ومع ذلك لا نسمع من مجلس الأمن ولا من الدول الكبرى موقفاً حازماً وجازماً. نحن قررنا كحزب أن نلتزم ضبط النفس خلال هذه المرحلة لنكشف مزيداً من المساوئ الإسرائيلية والأميركية والتواطؤ الذي يحصل. هذا كله نضعه برسم المجتمع الدولي ونحمّله المسؤولية كاملة، ويجب أن يعرف الجميع أن صبرنا كحزب وكلبنان هو من موقع القوة".