كان الأهلي في تنافسيته الأخيرة أمام شقيقه الاتحاد عنفواناً شاباً، سفح بدوره روحاً جديدة، اتقدت بمنهاج حماسة موسكوفيتش!! لترسم لعاشقيه وللمراقبين بعداً كروياً يبدو نابغاً. وكان ياسر المسيليم.. وتركي الثقفي.. وجفين البيشي.. ناهيك عن رفاقهم محمد مسعد والآخرين متعة إنجاز، ظفروا بالنتيجة، ونسجوا من نبوغ حيويتهم ومهامهم قدراً إضافياً من الحسم، الذي كان في مرجعيته ينساق للاتحاد ملء مدى التوقعات. والأهلي أمام الاتحاد أو العكس، تنافس مواسم يُحوّل التوقعات إلى طوفان من الإثارة، يجبر الجميع على استبقاء التخمين في منأى عن متغيرات الواقع الفني. وكان الأهلي في مباراة ربع نهائي كأس ولي العهد السعودي، قادراً على الحسم حتى قبيل ركلات الترجيح، كما كان الاتحاد قبيل زمانه هذا نابغاً أيضاً أمام الأهلي، حتى حين يكون الصقيع الفني ببرودة الزمن في شتاءاته أو حين يكون الهجير..!! وكلا الفريقين.. وفي المنافسات الرياضية جُلّها، عندما يركض يمنح الأبعاد التوقعية من دفئهما عباءة بلون مساءات جدة، وبطعم العطاء المتباين. وهذان الفريقان جُبلا على تعددية لفظ الجوانب الفنية القُح، واستذواق ماء الحماسة، اللهم إلا في بعض الأحايين، حيث لغة الطموح التي تقول ذاتها.. ويبدو أن الجنرال يوردانيسكو لم يكن في طاقته إدراك شموخ التنافس البعيد عن لغة العطاء، ونشوة أفضلية الحسم وفقه الحضور، لذا فتح صدره أحرفاً درسها الشباب، وأيقظوا فيها روح مشروعية عطائهم، والتفوق على الواقع في ممارسات سيكولوجية سيسيولوجية لا تعترف إلا بالتصادمية في أفقها الواسع وبوميض علو الهمة. أما موسكوفيتش.. وإن كان نرجسياً، وبدا أكثر مغامرة بلعبه المفتوح فربما لامس آهات في أنفس لاعبيه، امتدت أفقاً فأشرقت بالحماسة عطاء مميزاً، تصدّى للسيطرة الاتحادية في الشوط الأول بعد الهدف"الأصفر"، ومنتصف الثاني بعد هدف التعادل"الأخضر"، ثم هلّت بالسيطرة المقننة في الشوطين الاضافيين، وعند تنفيذ ركلات الترجيح. والجمع الرياضي الكروي هلّل لحضور الأهلي ولزفرات عطرة حين يلعب بتناغمية مميزة، ليس لأنه حسم مباراة الاتحاد بل لأنه لا يزال الإمبراطور، والفريق الذي يرسمه الوطن بين عمالقته الهلال والاتحاد والنصر والشباب... يرسمه بدموعه حين تكون أرضه عذراء من الحضور والمنافسة، أو حين يكون قصيدة مخزونة هاربة من أقبية الومض...!! ولا يزال الاتحاد على رغم خروجه من ثاني منافسة محلية، كبيراً بحضارته العالمية، وحضوره الدولي، فطالما انتصر على شقيقه، وطالما كان حسمه يملأ الأنفس شوقاً يترامى على وجه النهار. وكلا الفريقين... الاتحاد.. والأهلي وهناك الهلال والنصر سجايا كروية تشيع في الوطن ولجماهير الوطن القيم الرياضية المضيئة، وتقتلع من تربة الإنسان السعودي جذور الحيف!! بل.. إن الهلال مع أشقائه تفوق كروي نابغ، وعين لا تخطئ الدريئة لأنها تزف إلى ذاتها البطولات في إشراقة ومض خُلّب.