تعيش العاصمة العراقية هدوءاً منقطع النظير نهار كل جمعة منذ تطبيق الخطة الأمنية منتصف حزيران يونيو الماضي. وتسبب فرض حظر التجوال خلال ساعات النهار، بالتزامن مع صلاة الجمعة، خوفاً من هجمات قد تطاول التجمعات المدنية في قلة حركة الناس إلا ما ندر حتى بعد انقضاء ساعات الحظر. وأفضى هذا الى اضطرار البغداديين للذهاب سيراً على الأقدام الى المساجد والحسينيات، وعدم ارتياد الاسواق كونها مغلقة اصلاً، ما أدى الى تراجع"أسواق الجمعة"التي كانت تزخر بها الأحياء، وهذه السوق لا تشبه أسواق بغداد الاخرى، فهي تعرض بضائعها أمام الزبائن يوم الجمعة فقط مستغلة العطلة الرسمية. وفي سوق الجمعة المركزي في ساحة التحرير التي أصبحت خالية اليوم إلا من الانقاض، قال أحد الباعة واسمه محمد:"لم يكن الزبون يجد موطئ قدم نظراً الى كثرة الباعة وبضائعهم". ويلفت الى ان حظر التجول"أسهم في انحسار البيع والشراء، فالناس تخشى الذهاب للتسوق والباعة، وبعضهم من ابناء المحافظات، لا يستطيعون التنقل بسبب الاجراءات الأمنية الحالية". وكانت اسواق بغداد شهدت انفجارات عنيفة في الكرادة وبغداد الجديدة والصدر وشارع فلسطين والربيعي والمشتل والدورة والعامرية والاعظمية والكاظمية. ويضيف محمد ان السوق"تفتح في ساعات مبكرة صباحاً وتقفل منتصف النهار او بعدها بساعات لكن قبل مغيب الشمس"، ويوضح أن"البائع الذي ينتهي من بيع بضاعته يغادر فوراً وهكذا". وأكثر ما كان يلفت الانتباه في اسواق الجمعة انها تقام قرب المساجد والجوامع، وأكثر روادها من الرجال بسبب الزحام والضجيج، لكن ذهاب المصلين الى الجوامع على رغم الحظر لا يعني رغبتهم في ارتياد السوق"فالأول فرض وتقليل الحركة مطلوب"بحسب محمد. واكتسبت سوق الجمعة اهتمام العراقيين كونها تعرض تحفاً نادرة واثاثاً قديمة، فمعظم البضائع من مقتنيات المنازل. ويقول ابو علي، وكان معتاداً على فرش بضائعه المتنوعة في سوق الجمعة في شارع النهر:"اضطررت الى العمل السبت بسبب الحظر يوم الجمعة المنصرمة". ويضيف أن"سوق الجمعة تجمع بشري مميز وهي سوق أخذ وعطاء ومقايضة وتدليل، ولذا فإن لها نكهة خاصة لا تشبه أسواق بغداد الاخرى على رغم عراقتها كالشورجة والسوق العربي وأسواق الغزل والنهر والكاظمية وغيرها". ويزيد:"كان الناس يتجمهرون نهار كل جمعة إلا في حالات المطر الشديد ويبدأ الباعة الجوالون الذين افترشوا مساحة من الأرض بشكل عشوائي بالتدليل على بضائعهم، اما اليوم فقد حالت الأوضاع الأمنية دون توافد الباعة والمشترين على حد سواء". ويزيد ابو علي"كنا نعرض البضائع على امتداد مساحة السوق حيث تختلط الخضار مع الفاكهة والملابس مع الاحذية والألعاب والهدايا مع الأواني والاثاث وحتى الأدوية والأغذية والكتب والطيور والساعات والمعدات الكهربائية حتى لا يكاد الزائر يلم بها جميعاً".