«قالوا إن أسواق الفقراء التي نعمل فيها تهدد حياتنا فأغلقوها وأصبحنا بلا عمل». هكذا يصف حليم مشكور معاناته كأحد العاملين في سوق النهضة المعروف محلياً باسم «سوق الجمعة» الواقع تحت جسر محمد القاسم، والذي أغلقته الشرطة ومنعت العاملين فيه من ممارسة المهنة، مثلما منعت أصحاب الطاولات المتنقلة (الجنابر) من البيع في الأسواق العامة. حليم الذي يعمل بائعاً في «سوق الجمعة» منذ أكثر من خمس سنوات يقول إن إغلاق الأسواق في الوقت الحالي تسبب في زيادة عدد العاطلين من العمل، إذ أن غالبية البائعين السابقين لم يجدوا مصدراً آخر للعيش. ويكمل: «حاولنا في البداية أن نتمرد على القرار، وأحضرنا بضاعتنا يوم الجمعة، لكن مفارز الشرطة دهمتنا في شكل مفاجئ وصادرت البضاعة، فاضطررنا إلى الخضوع للقرار». ويضيف أن «غالبية التفجيرات التي جرت أخيراً استهدفت مواقع حساسة أو قريبة من المنطقة الخضراء، ولا أعلم لماذا استهدفت قوات الأمن أسواق الجمعة وجنابر الباعة بالذات وأقدمت على إغلاقها». راسم علي أحد أصحاب «الجنابر» في الكاظمية يرى أن منع الباعة الجوالين من العمل في الأسواق العامة قرار يخفي وراءه كثيراً من التساؤلات، ولا سيما أن مطالب الباعة بتخصيص مساحات خاصة لهم لم تلق آذان صاغية لدى المسؤولين في أمانة بغداد أو وزارة الداخلية. ويضيف أن «الناس يقصدوننا أكثر من أصحاب المحال لانخفاض أسعار بضاعتنا مقارنة بالمحال التجارية، ووجودنا لا يضايق أحداً بل على العكس نحن نقوم في أحيان كثيرة بتصريف بضائع المحال المجاورة». راسم نظم برفقة عدد من زملائه تظاهرة سلمية أمام أمانة بغداد ومدخل «المنطقة الخضراء» بعد قيام قوات الأمن بمنعهم من عرض بضاعتهم ومصادرة صناديقهم وطاولاتهم الخشبية لكن من دون جدوى. ويقول إن قرار المنع شمل كل الأسواق الكبرى ومن بينها الكاظمية والحرية والباب المعظم وشارع فلسطين والكرادة، فضلاً عن أسواق الخردة المعروفة محلياً ب«أسواق الحرامية». أما سجا علي التي اعتادت التبضع من باعة الأرصفة، فتقول إن غالبيتهم تنتشر في أماكن حيوية قرب الجامعات ومواقف السيارات وأن أسعارهم أقل مما يعرضه أصحاب المحال، فضلاً عن انفرادهم ببعض البضائع الصينية التي تستقطب المواطنين من ذوي الدخل المحدود. يقول مصدر مطلع في أمانة بغداد ل«الحياة» إن قرار «إغلاق أسواق الجمعة وباعة الأرصفة أمني ولا علاقة لأمانة بغداد به». ويضيف المصدر أن «قضية منع الباعة جاءت بعد التفجيرات الأخيرة لتخفيف الازدحام عن الشوارع ومنع استخدام مثل هذه الأسواق في عمليات التفجير»، مشيراً الى أن «الأمانة تدرس حالياً إمكان إيجاد سوق مستقلة لهؤلاء الباعة في محيط بغداد». ويؤكد فاضل العبيدي عضو مجلس محافظة بغداد ل«الحياة» أن «المجلس طالب أمانة العاصمة والقيادات الأمنية التي أشرفت على تنفيذ القرار بإيجاد منافذ بديلة لباعة الأرصفة الذين أضيفوا الى قائمة العاطلين من العمل بعد منعهم من مزاولة مهنتهم».