أدى تزايد أعمال العنف وخصوصاً زرع العبوات في مواقع المزابل وإلقاء الجثث فيها، الى ابتعاد عمال التنظيف عن عملهم في معظم الأحياء البغدادية حيث باتت النفايات تتكدس، ما يثير مخاوف من انتشار الأوبئة بين السكان. وعلى رغم تخصيص مجلس الوزراء العراقي عشرة ملايين دولار لتنظيف العاصمة أخيراً، ثم انتشار عمال النظافة في بعض الأحياء، إلا أن غياب أعين الرقابة في أماكن عديدة وتزايد أعمال العنف، حالا دون انجاز المهمة. ويعمد بعض سكان بغداد البالغ عددهم سبعة ملايين نسمة والمتوزعون في جانبي الكرخ والرصافة، الى احراق النفايات المتكدسة للتخلص من رائحتها الكريهة والحشرات المتجمعة حولها، في حين يلجأ سكان المناطق المجاور لنهر دجلة الى رمي مخلفاتهم فيه. ويتمثل أحد أهم مخاوف عمال التنظيف لدى أدائهم عملهم، في إقدام المسلحين على استغلال مواقع تجمع النفايات لاخفاء عبوة أو رمي جثث، بحسب مسؤولين محليين. ويزيد انسداد أنابيب الصرف الصحي في بغداد من تفاقم مشكلة النظافة. ويشير أمين بغداد صابر العيساوي الى عدم كفاية المخصصات المالية لمشاريع النظافة وكبس النفايات ومعالجة المجاري والصرف الصحي حتى مع وجود 13 دائرة بلدية. ويقول إن"ما خصص للنظافة يشكل ما بين 30 الى 40 في المئة من المبلغ المطلوب وهو 44 بليون دينار عراقي سنوياً"، لافتاً الى أن هذا المبلغ أقل مما يخصص لموقع طمر واحد في ايران المجاورة. يذكر أن العاصمة العراقية تُفرز سبعة آلاف طن نفايات يومياً، أي بمعدل كيلوغرام للفرد الواحد، بحسب مسؤولين عراقيين. وكانت شركة"زوزك"الاميركية أوُكلت مهمة تنظيف بغداد بعد الحرب على العراق، لكنها فشلت لأنها اعتمدت نظام الحملات الموقتة. ويؤكد العيساوي أن"صعوبة الوضع الامني تفضي الى هروب الايدي العاملة، اذ يسقط العمال غالباً ضحية الانفجارات في الطرق والشوارع. وفعلاً، فقدنا 350 شخصاً بين عامل ومهندس وموظف نتيجة للعمليات الارهابية وعلى رأسها زرع العبوات في اماكن جمع النفايات". ويزداد هذا الوضع سوءاً في المناطق"الساخنة"التي يسيطر عليها المسلحون، اذ يمنع هؤلاء أي موظف حكومي من الدخول، وخصوصاً في احياء الدورة والجهاد والسيدية والعامل والخضراء والمنصور والاعظمية. ويقول"أبو ناجي"أحد سكان حي المهدية جنوببغداد إن مسلحين قتلوا سائق شاحنة تنظيف قبل شهر، مضيفاً أن"هذا كان آخر عهدنا بعمال النظافة".