أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أمس، ان بلاده تدرس"الوضع العربي المأسوي"الذي جعل شعوب المنطقة في حَيْرة وارتباك حول مصالحها ونظرتها إلى العجز الظاهر في تعاطي حكوماتها مع التحديات، خصوصاً"الهزة الأخيرة"في المنطقة، محذراً من خطر فقدان الهُوية العربية، وعلاقات بعض الدول العربية مع أطراف على حساب مصلحة العرب أنفسهم. وأوضح سعود الفيصل، في مؤتمر صحافي في جدة، ان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وجه حكومته لإعداد"الدراسات المطلوبة لتغيير هذا الوضع المأسوي"، تمهيداً لعرض هذه الدراسات عند انتهائها على قادة الدول العربية. وشدد على أن السعودية لن تقف عقبة أمام عقد أي مؤتمر"استثنائي"عاجل، على مستوى القمة، شرط الجيد لها. وقال سعود الفيصل ان التصنيفات التي"قُسمت فيها الدول العربية إلى رجعية وتقدمية، ودول صمود وتصدي وتصنيفات أخرى، أدت إلى شلل العمل العربي المشترك، حيث أصبح التعامل بشكل ردود فعل مرتجلة مع ما نواجهه من مشكلات وأزمات بدلاً من التعاطي معها، وفق منظور استراتيجي مشترك ينسجم مع انتمائنا العربي". وبعدما لفت الى"تطلع خادم الحرمين الشريفين إلى العودة دائماً إلى الوضوح في تحديد ذاتنا العربية والروابط التي تجمعنا في عالم متغير ومتبدل بين أقطاب القوة وساحات العولمة"، حذر من خطر فقدان الهُوية العربية، وعلاقات بعض الدول مع أطراف على مصلحة العرب أنفسهم، مشيراً إلى أن ذلك كله، وفي سياق الدعوة إلى قمة عربية، دفع بخادم الحرمين إلى التوجيه بعقد الدراسات، لتكون منطلقاً لأي اجتماع قمة عربي"استثنائي". وأوضح سعود الفيصل، في رده على سؤال ل"الحياة"، أن هذه الدراسات مختلفة تماماً عن وثيقة إصلاح الوضع العربي من خلال ميثاق الجامعة العربية، وهي الوثيقة التي طرحها خادم الحرمين الشريفين، حينما كان ولياً للعهد، وأقّرتها قمة تونس العام 2004، مشيراً الى بوادر العمل بتلك الوثيقة، خصوصاً في الموقف العربي"الجماعي الذي شهدناه من الحرب الإسرائيلية على لبنان". وكان الوزير السعودي عرض مطولاً نظرة بلاده إلى فاعلية الجامعة العربية وأدائها على مدى 60 عاماً، وما أفرزه واقع توسيع العضوية فيها، في سياق تأكيده ترحيب الرياض بعقد قمة عربية"بشرط واحد هو الإعداد الجيد الذي يستجيب لطموحات القمة العربية في قرارات تعالج الوضع العربي بشكل جوهري، وتخلق نقلة نوعية في التعامل"، لافتاً إلى عدم عرقلة السعودية لرغبة أي دولة عربية في الدعوة إلى قمة"استثنائية". لكنه شدد على"أن المرحلة الراهنة تستدعي منا العمل الجاد والدؤوب، لاستعادة ثقة شعوبنا العربية واكتساب احترام المجتمع الدولي، وهذا الأمر لن تحققه الأمنيات، وإنما العودة إلى انتمائنا العربي، والعمل الجاد على توضيح الرؤى وتوحيدها". وأكد، رداً على سؤال ل"الحياة"حول ما يبدو أنه شرق أوسط إيراني، يتصارع مع شرق أوسط أميركي - إسرائيلي:"أن العرب ليسوا لقمة سائغة"، مشيراً إلى حضارة وتاريخ الأمة العربية وقدرتها على المواجهة. لكنه شدد على ان السعودية تعترف بالدور السيادي لإيران في إدارة مصالحها أمام تهديدات إسرائيلية بتوجيه ضربة عسكرية ضد منشآتها النووية. وانتقد سعود الفيصل، في سياق قراءته الناقدة لحال الجامعة العربية والدعوة إلى عقد قمة عربية"استثنائية"،"بعض الدول التي تنشئ علاقات مع أطراف أخرى على حساب العلاقات بين الدول الأعضاء"في الجامعة. فيما سبق الاتهام الذي لم يُسَمّ فيه دولة بعينها بجملة اعتبر فيها"أننا أمام تهديد فقداننا هويتنا". وشدد وزير الخارجية السعودي على أن"المطلوب في هذه المرحلة هو التقويم الأساسي والموضوعي لدور الجامعة وأعضائها وتحديد منهجية العمل الفعال المثمر لتمكينها... من إصدار قرارات تعالج الوضع العربي بشكل جوهري، وتخلق نقلة نوعية في التعامل". كما أن"المطلوب حالياً هو تجاوز اجتماعات ردود الفعل والشجب والاستنكار وتخطيها إلى العمل الإيجابي الملموس في عالم اليوم، بما يستجيب لتطلعات شعوب الأمة العربية وينتشلها من حال اليأس والإحباط التي تعيشها... عندما بدأت الجامعة العربية أسست على شكل حلف يحدد علاقات الدول الأعضاء البينية وعلاقاتها مع الأطراف الأخرى، وكان هناك إجماع على طبيعة الخطر ومكامنه، والتطلعات المشتركة عن إمكان التعاون، إلا أنه مع توسع الجامعة وتوسع العضوية فيها وما لحق بالدول العربية من تقلبات سياسية أدت إلى ضغوطات داخلية أثرت في المسار العربي المشترك".