بدأت امس بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة أعمال الدورة 131 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب برئاسة معالي وزير الخارجية السوداني علي أحمد كرتي. والقى صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رئيس وفد المملكة العربية السعودية كلمة في بداية الاجتماع عرض فيها أبرز القضايا والموضوعات التي تم تناولها في الدورة السابقة للمجلس والتي انتهت مدة رئاسته لها معربا عن شكره وتقديره للجميع لما ابدوه من رغبة في التعاون وروح أخوية في أعمال الدورة السابقة. وشدد سموه على أن مبادرة السلام العربية واجهت الكثير من التحديات والصعوبات في سياق العمل على ترويجها والدعوة لتبنيها كأساس لحل شامل للنزاع العربي الإسرائيلي بسبب تعنت إسرائيل وتماديها في تجاهل أسس ومتطلبات العملية السلمية والذي أدى بدوره الى نشوء شعور متزايد بالاحباط مع التدني المستمر لفرص صنع السلام المنشود مشيرا الى أن من نتائج ذلك بروز أصوات تطالب بالتخلي عن هذه المبادرة دون إيجاد إستراتيجية معقولة وبديله للتعامل مع النزاع العربي الإسرائيلي. وأوضح سمو وزير الخارجية في كلمته أن التخلي عن هذه المبادرة في ظل ميزان القوى السائد وطبيعة الواقع العربي المتأزم لن يساعد مطلقا على تحسين هذا الواقع أوانهاء تأزمه بل سيمثل الغاء المبادرة نوعا من إلحاق الأذى بالنفس في غياب البديل الأفضل مشيرا سموه الى أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله جاءت لإخراج العرب من دوامة الشقاق والخلاف في قمة الكويت الأمر الذي عزز في انفسنا جميعا الشعور بإمكانية الخروج من هذا المأزق من خلال انتهاج أسلوب مبني على وفاق عربي بإعتباره أفضل ضمانة لمواجهة التحديات والمحن التي عانى منها العرب طيلة العقود الماضية. وقال صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أنه ليس هناك ما يجعله يشعر بالزهو إزاء ما تحقق من نتائج على صعيد التعامل مع القضايا التي كانت مدرجة خلال رئاسته للدورة السابقة وذلك أن القضايا التي تواجه الأمة العربية ازدادت صعوبة وتعقيدا مع تعاظم الخلافات العربية معربا عن أسفه للوضع اليوم الذي لا يختلف كثيرا عما كان سائدا عند تقلد سموه مهمة رئاسة الدورة المنصرمة وأن جل ما يتمناه لرئيس الدورة المقبلة حظا أوفر في مواجهة القضايا السياسية والإقتصادية والتنموية للعالم العربي. وأشار سموه إلى أن هناك استخلاصات يمكن استنتاجها في ضوء ما تعرضت له الدورة المنصرمة من مواضيع ومسائل وما اكتنفها من ظروف وملابسات منها أن النزاع العربي الإسرائيلي ظل في موقعه الدائم من حيث أهيمته وطغيانه على سائر المسائل الأخرى بالنظر لمحوريته وانعكاساته على الساحتين العربية والدولية. وأضاف سموه قائلا أنه كما هو الحال دائما فقد ثبت أن إحراز أي تقدم في أي جانب من جوانب هذا الموضوع مهما كان متواضعا يظل مرهونا بمدى اتفاق العرب أو توافقهم على الإستراتيجية المعتمدة للتعامل مع جوانب هذا النزاع وقد ثبت لنا من واقع التجربة أنه كلما توحدت كلمة العرب حتى ولو لفترة قصيرة تسنى لهم إنتزاع شيىء من المكاسب التي يتطلعون إليها. ولفت صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية إلى أن خير مثال على ذلك النجاح الذي تم إحرازه في سبتمبر الماضي نحو عقد جلسة خاصة لمجلس الأمن لمناقشة موضوع المستوطنات بإعتباره من أهم قضايا النزاع العربي الإسرائيلي وأنه ما كان له أن يتحقق لولا توفر الحد المطلوب من الوفاق العربي والتحرك المشترك إزاء هذه المسألة داخل أروقة الأممالمتحدة بالرغم من كل الضغوط والمعارضة التي عبرت عنها أطراف دولية ضد هذا التحرك مشيرا سموه الى أنه في وقت لاحق وللأسباب ذاتها تمكن الوفد الوزاري العربي مرة أخرى وبعد جهود في نيويورك من إستصدار قرار مجلس الأمن رقم 1860 الذي أدى في نهاية المطاف إلى إيقاف الحرب الجائرة على غزة. ونوه سمو رئيس وفد المملكة العربية السعودية في اجتماع المجلس الوزاري العربي إلى أن خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في قمة الكويت الإقتصادية شكل بكل المقاييس علامة هامة في السياسة العربية حيث جاء هذا الخطاب ليحول دون غرق هذه القمة في متاهات الفرقة والإختلافات ويوقظ في ضمائر الزعمات العربية والفلسطينية الشعور بأن الوقت قد حان لتجاوز خلافاتهم وانقساماتهم والتي كانت ومازالت تمثل عونا لكل من يريد الإساءة إلى العرب والتنكيل بهم. وأضاف سموه قائلا إنه انطلاقا من ذلك تم إجراء العديد من الاتصالات والجهود في أعقاب قمة الكويت بغية ترجمة رؤية خادم الحرمين الشريفين حول العلاقات العربية إلى واقع ملموس خاصة لجهة الظروف الكفيلة بإنجاح قمة الدوحة العربية القادمة وذلك ضمانا للحفاظ على فعالية القمة. وقال سمو وزير الخارجية في كلمته أنه في هذا الصدد قام معالي الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بجهود مكثفة لتنقية الأجواء كما طرأ تحسن ملموس في العلاقات العربية بما في ذلك الإتصالات الإيجابية القائمة بين الرياض ودمشق والتي من شأنها دعم مسيرة المصالحة العربية عموما وبطبيعة الحال فلابد من تضافر الجهود الكفيلة بإيصالنا إلى الغاية التي نسعى ونتطلع إليها. وبشأن فلسطين قال صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل إن الجهود المخلصة والمتصلة التي بذلتها جمهورية مصر العربية للم شمل الأخوة الفلسطينيين ووضع حد لحالة الشقاق والإنقسام الفلسطيني وبرعاية مباشرة من فخامة الرئيس المصري حسني مبارك أثمرت عن التوصل إلى اتفاق بين الأشقاء في فلسطين. وأعرب سموه عن تطلعه أن تبلغ هذه المصالحة بين الفلسطينيين منتهاها بتشكيل حكومة وحدة وطنية تتحدث باسم كل الفلسطينيين وتتجنب المصير الذي انتهت إليه حكومة ما بعد اتفاق مكةالمكرمة ويمكنها أن تفرض على الأطراف الدولية التعامل معها كمؤسسة متجانسة لا تسمح بإمكانية انتقائية التعامل مع أعضائها. وشدد صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل على أن المصالحة العربية والفلسطينية لن يكرسها ويدعمها إلا توفر رؤية موحدة ومشتركة إزاء القضايا ذات المساس المباشر بالأمن العربي مثل النزاع العربي الإسرائيلي والتعامل مع التحدي الإيراني سواء فيما يتعلق بالملف النووي أو أمن منطقة الخليج العربي أو إقتحام أطراف خارجية في الشئون العربية سواء في العراق أو فلسطين أو في الساحة اللبنانية مطالبا سموه بضرورة بلورة موقف عربي مشترك إزاء التعامل مع الإدارة الأمريكيةالجديدة والعمل على الإستفادة من الإستعداد الذي أبدته إدارة الرئيس أوباما للتعامل المبكر مع ملف النزاع الفلسطيني الإسرائيلي لاسيما وأن مجلس الجامعة سبق وأن بعث برسالة للرئيس الأمريكي أوضح خلالها الموقف العربي تجاه عملية السلام والتطلع لتحرك مبكر من قبل الإدارة الجديدة لدفع عملية السلام قدما. ولفت سموه إلى إتفاق حسن النوايا وبناء الثقة الذي تم توقيعه في الدوحة مؤخرا بين الفصائل المتنازعة في دارفور معربا عن أمله في أن يشكل دعما للجهود العربية والدولية الرامية لحل الازمة في هذا الإقليم. واكد سمو الأمير سعود الفيصل أن القمة العربية الإقتصادية التي انعقدت بدولة الكويت الشقيقة في يناير الماضي تشكل منعطفا هاما على طريق النهوض بالمجالات التنموية والإجتماعية على امتداد العالم العربي عبر ما اتخذته من قرارات وشهدته من ورش عمل هامة ألقت الضوء على الكثير من مواطن الخلل التنموي والإجتماعي وسبل التعامل معها مع التأكيد على الترابط بين الأمن والسلم الإجتماعي العربي والتنمية الإقتصادية والإجتماعية وهو البعد الذي جاءت قمة الكويت لإبرازه والتأكيد عليه. وأعرب صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل وزير الخارجية في ختام كلمته عن تمنياته لمعالي وزير خارجية السودان الشقيق بالتوفيق خلال فترة رئاسته للدورة الجديدة خصوصا وان أمام هذه الدورة مهمة التحضير الجيد لأعمال قمة الدوحة العربية وتوفير الأرضية المناسبة لإنجاحها مستفيدين في ذلك من أجواء المصالحة العربية والفلسطينية التي تحيط بالاجتماع الراهن.