يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً طارئاً اليوم، في مقر الجامعة العربية في القاهرة، للبحث في تطورات الوضع في لبنان والمساهمة في إعادة إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية، إضافة إلى وضع خطة للتحرك لدى مجلس الأمن للدعوة إلى اجتماع دولي للبحث في الصراع العربي - الإسرائيلي. وفي وقت دانت القاهرة العملية الإسرائيلية في البقاع، انتقد الرئيس المصري حسني مبارك، ضمناً، نظيره السوري بشار الأسد، محذراً من أن"المرحلة الحالية لا تحتمل المزايدات الرخيصة". وقال الناطق باسم الجامعة المستشار علاء رشدي أمس، إن وزراء الخارجية العرب سيعقدون"اجتماعاً تشاورياً مغلقاً يقتصر عليهم فقط"قبل الجلسة الافتتاحية العلنية بعد ظهر اليوم،"للتشاور في شأن الوضع الحالي في المنطقة، خصوصاً في لبنان، وكيفية بلورة تحرك عربي مستقبلي لمساعدة لبنان سياسياً وفي مجال إعادة الإعمار". غير أن مصادر في الجامعة أبدت قلقاً من فشل الاجتماع، بسبب اتساع هوة الخلافات بين المواقف الرسمية على خلفية التطورات الأخيرة، لا سيما خطاب الرئيس الأسد الذي هاجم فيه زعماء عرباً. وقالت المصادر ل"الحياة"إن"12 يوماً كانت كافية لإحداث تحولات في مواقف بعض الدول العربية من شأنها إثارة خلافات كثيرة قد تعصف بالاجتماع". ولفتت إلى أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم لن يكون بين الوزراء ال15 الذين سيشاركون في الاجتماع. وتوقعت أن لا يدعو الاجتماع إلى قمة طارئة، مشيرة إلى أن"خطاب الأسد اسس لبيئة مغايرة تماماً لتلك التي خلقتها مجزرة قانا قبل اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير في بيروت"، وهو الاجتماع الذي شهد إجماعاً عربياً غير مسبوق على اتخاذ"خطوات فعلية تحول دون تدمير لبنان نهائياً"، وانتهى إلى إرسال وفد عربي برئاسة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إلى نيويورك للضغط على مجلس الأمن من أجل إجراء تعديلات على مشروع القرار الفرنسي - الأميركي الخاص بوقف العمليات العسكرية في لبنان. وتسبق الاجتماع الوزاري سلسلة من الاجتماعات التشاورية بين عدد من الوزراء الذين بدأوا التوافد إلى القاهرة مساء أول من أمس، إذ يعقد الوزراء اجتماعين تشاوريين في الواحدة ظهراً ثم الثالثة قبل أن يباشروا اجتماعهم الطارئ في الرابعة، كما يلتقي موسى وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ. ويتضمن جدول أعمال الاجتماع أربعة بنود، هي مناقشة تقرير وتوصيات اللجنة العربية رفيعة المستوى التي توجهت إلى الأممالمتحدة بتكليف من اجتماع بيروت، ومتابعة تطورات الوضع في لبنان وإعادة الإعمار، والنظر في كيفية تسوية النزاع العربي - الاسرائيلي على المسارات كافة من خلال عرضه على مجلس الأمن والدعوة إلى عقد اجتماع رفيع المستوى للمجلس في أيلول سبتمبر المقبل، إضافة إلى التشاور بين الوزراء في شأن اقتراح السعودية استضافة قمة عربية استثنائية في مكةالمكرمة. تصريحات مبارك في غضون ذلك، رد الرئيس المصري ضمناً على خطاب الأسد، مؤكداً أن"المرحلة الحالية لا تتحمل أي نوع من المزايدات الرخيصة". وحذر من أي محاولات للتدخل في الشأن الداخلي اللبناني. وقال في تصريحات نشرتها صحيفة"أخبار اليوم"أمس إن"مقاومة المحتل حق طبيعي للشعوب، شرط أن تكون نابعة من إرادته الوطنية الحرة وبما يتوافق مع مصالحه الوطنية العليا". وقال مبارك إن"مصر حريصة على حماية لبنان والحفاظ على سيادته واستقلاله، ووحدة اللبنانيين وتماسكهم وعدم فرقتهم تمثل ضرورة قصوى خلال الفترة المقبلة". وأضاف أن"حزب الله جزء من النسيج اللبناني ويجب الابتعاد عن أي أسباب تؤدي إلى الشقاق أو الخلاف الداخلي، لأنهما خطر يهدد وحدة لبنان". واعتبر أن"القيادة والشعب اللبناني قادران على تجاوز الأزمة الحالية وحل أي خلافات عارضة بين التيارات السياسية الداخلية لكي تظل مصالح لبنان العليا هدفاً يسعى الجميع إلى تحقيقه". وحذر من"أي محاولات للتدخل في الشأن الداخلي اللبناني"، مشدداً على أن"المرحلة الحالية من العمل العربي لا تتطلب أو تتحمل أي نوع من المزايدات الرخيصة". وقال:"يجب أن تتوحد كل الجهود لجمع ولم الشمل العربي". وفي حين شدد على ضرورة وجود"إعداد جيد وموضوعات وتوصيات محددة"قبل عقد أي قمة عربية، رحب"بأي قمة يتفق على عقدها". وعلق الرئيس المصري على تصاعد الاتهامات الغربية لإيران بأنها أحد أسباب عدم الاستقرار في المنطقة، قائلاً إن"إيران دولة مهمة في المنطقة ... والصراع بين الولاياتالمتحدةوإيران لابد أن يتم حله بالطرق الديبلوماسية والحوار المباشر لأن أي ضرب لإيران يعني نهاية الاستقرار في المنطقة وفي العالم". من جهة أخرى، يعقد مبارك اليوم وغداً محادثات مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، تتناول التطورات في لبنان وجهود إعادة الإعمار. إلى ذلك، انتقدت القاهرة في شدة العملية التي نفذها الجيش الإسرائيلي في البقاع ليل الجمعة السبت. وحذرت الخارجية المصرية في بيان امس من"العودة بالمنطقة إلى ما قبل القرار 1701"، فيما أجرى وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط اتصالات مع وزراء خارجية بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن لحضهم على التدخل لوقف"الانزلاق إلى العمليات العدائية مرة أخرى". وأعربت الخارجية عن"قلقها واستغرابها من تلك الخطوة الإسرائيلية"، مشددة على"ضرورة الالتزام بقرار مجلس الأمن واحترام وقف النار". وأكدت أهمية"عدم السماح بعودة القتال مرة أخرى تحت أي ذريعة أو القيام بأعمال من شأنها تصعيد التوتر ودعوة الطرف الآخر إلى الرد والدخول في سلسلة من الأفعال وردود الفعل المضادة لها، بما يؤدي إلى تجدد المواجهات". وفي دمشق، أكدت مصادر مطلعة ل"الحياة"أن المعلم سيغيب عن الاجتماع بسبب ما قالت إنه"مشاغل مسبقة"على جدول أعمال الوزير السوري.