تزدهر بيداوة باعتبارها المعقل الوحيد للحكومة الصومالية في بلدها، غير أن المخاوف من أنها قد تكون محط أنظار الميليشيات الإسلامية القوية تثير قلق السكان الذين أتعبتهم الحرب. والشارع الرئيسي في بيداوة الذي تنتشر به الحفر الناتجة عن الألغام - وهو الطريق المؤدي الى العاصمة مقديشو - مزدحم بالمباني التجارية بما فيها البنوك. كما تعج المقاهي على جوانب الطرق بالرواد، مما يعكس انتعاشاً نتج عن اتخاذ الحكومة الموقتة من هذه البلدة مقراً لها منذ نيسان ابريل الماضي. ويرحب السكان بالزائرين قائلين"مرحباً في بيداوة"، كما توجد لافتات جديدة مثل"فندق بيداوة"و"شراب مانشستر يونايتد". ويقع الأخير أمام مطعم لبيع الوجبات الخفيفة تزيّنه قطع غيار سيارات قديمة. غير أن وراء هذا الانتعاش ثمة مخاوف أثارها صعود الإسلاميين الذين سيطروا على مقديشو ومساحات استراتيجية من الصومال الشهر الماضي بعد طرد زعماء الفصائل. وقالت فطومة يوسف التي تمتلك متجراً ل"رويترز":"أشاهد توسع الإسلاميين ولدي مبرر كاف للقلق". ويسيطر الإسلاميون حالياً على بلدات استراتيجية قرب بيداوة وهي بلدة زراعية وتجارية قديمة تقع في جنوب وسط الصومال. وكان الإسلاميون قالوا في البداية إنهم يسعون فقط إلى إحلال السلام. وتسبب صعود الشيخ حسين ضاهر عويس لقيادة الإسلاميين في إثارة القلق من أنهم سيحاولون إطاحة الحكومة بينما يسعون إلى فرض الشريعة الإسلامية في أنحاء الصومال البالغ عدد سكانه 10 ملايين نسمة. وقال المعلم أدان نوناو علي 42 عاماً:"صعوده عويس بعد أن كان منسياً أثار فجأة الشكوك والفوضى... نرى الآن أنهم عازمون على تقويض الحكومة الجديدة". وتضع الأممالمتحدة عويس ضمن الأشخاص ذوي الصلة بتنظيم"القاعدة"، وهو ما ينفيه. ويثير عويس قلق كل من الغرب وجيران الصومال بسبب رفضه لقوات حفظ السلام الأجنبية التي تريدها الحكومة، وبسبب قوته العسكرية الكبيرة. وقال خبراء أمنيون وسكان إن اثيوبيا أرسلت قوات الى بيداوة للدفاع عن الرئيس الموقت عبدالله يوسف إذا اجتاز الاسلاميون منطقة عازلة قرب الحدود، رغم نفي أديس أبابا والحكومة الصومالية الموقتة لذلك. ويعد يوسف عدواً قديماً لعويس، وتجتمع حكومته في مخزن قديم في بيداوة. ويقول ابراهيم عثمان علي الذي يعمل قصاباً في سوق عيشة في بيداوة، إن التجارة كانت جيدة منذ مجيء الحكومة بعد 10 سنوات من العنف. وأضاف ل"رويترز":"سندعم الحكومة إذا حدثت لها أي مشكلة. نعتقد أن عويس لا يفعل أي شيء طيّب لنا لأنه إرهابي". غير أن حتى مسؤولي الحكومة غير واثقين من أن في إمكانهم محاربة الإسلاميين بالميليشيا التابعة لها. وقال مفوض الشرطة الوطنية الجديد محمد علي حسن لويان للصحافيين:"نفتقر الى المعدات... ونفتقر الى القوة. كل ما لدينا هو الإرادة". وطلب يوسف نشر قوات حفظ سلام أجنبية ورفع حظر فرضته الأممالمتحدة في عام 1992 على بيع الأسلحة للصومال حتى يمكن لقواته حمل السلاح. ويعد هذا الحظر الأكثر تعرضاً للانتهاك في العالم. ويشكل الحرس الرئاسي ليوسف معظم القوات العسكرية في بيداوة، وهم يرتدون جميعاً أزياء موحدة مموهة وكثيرون منهم يحمل بنادق كلاشنيكوف جديدة. وتقوم تلك القوات بأعمال الدورية في طرق بيداوة غير المعبّد ووسط مبانيها المحطمة. وفي مقديشو، أكد رجل الدين البارز الشيخ عبدالله علي في مقديشو أمس ان المسلم الذي لا يؤدي فريضة الصلاة لا بد وأن يقتل. وأثار التصريح الذي أكده الشيخ ل"رويترز"بعدما بثته اذاعة محلية رهبة في نفوس السكان، كما أثار مخاوف خارجية. ونقلت مجموعة إعلامية محلية عن الشيخ عبدالله الذي يرأس محكمة للشريعة في مقديشو:"كل شخص لا يؤدي فريضة الصلاة يعتبر كافراً وتأمر أحكام الشريعة بقتله". وفي تطور آخر، وقف رجال الميليشيات الاسلامية التابعة للمحاكم في مواجهة أمس مع جماعة تتعهد محاربة حكام مقديشو الإسلاميين الجدد. ويقف رجال الميليشيات المتصارعة على مسافة 150 متراً فقط من بعضهم حيث يحرسون نقاط تفتيش ويتحركون في سيارات نقل صغيرة مزودة مدافع ثقيلة في منطقة الكيلومتر أربعة في مقديشو.