مباراة فأخرى يأخذ الحديث الإيجابي عن وجود مخرجين سينمائيين يديرون 25 كاميرا حول الملعب في تصفيات كأس العالم 2006 بعداً آخرَ سلبياً، لاسيما مع الأخطاء التحكيمية القاتلة التي يتغاضى النقل المباشر عنها فيحتويها الإخراج ويطمسها، ولا تعاد وتكرر كي لا يتحقق المشاهد من صحتها أو عدمها. أما إذا أعيدت الأخطاء غير القاتلة فتختار الكاميرا - الزاوية التي لا توضحها أو التي تزيد على غموضها غموضاً. ويتوج ذلك مع إحالتها من جانب المعلقين في"آي. أر. تي."على الخبير في الشؤون التحكيمية محمد فوده الذي سينظر فيها بعد انتهاء المباراة، أي بعد أن تهدأ الأعصاب، وربما بعد أن يُقفل المشاهدون التلفزيون ويذهبون إلى النوم. لا يمكن إصدار حكم في"قضية"الأخطاء التصويرية - الإخراجية المتكررة وما إذا كانت متعمدة ومع سبق الإصرار والتخطيط أم لا، على رغم أن وجود هذا العدد من الكاميرات التي تلاحق الكرة واللاعبين ليس لصالح الإخراج و"الفيفا"المتهم بتوجيه تعليمات خاصة لمخرجي التلفزيون، تقضي، مثلاً، بالتركيز المتعمد على اللوحات الإعلانية المحيطة بالملاعب. ولم يجد"الفيفا"رداً على ذلك إلا بالقول إن النقل الحالي يتم بالطريقة ذاتها التي نقلت بها مباريات كأس العالم 2002، بحسب المسؤول الإعلامي فيه ماركوس زيجلر. فالتصوير"الذكي"هذا والذي بات إخراجاً أو مونتاجاً مباشراً في أفضل الحالات هو تغاضٍ عن أخطاء تحكيمية، أو هو تواطؤ معها. والكاميرات التي يقول التلفزيوني الأميركي المخضرم دان راذر عنها إنها"لا ترمش مرتين"، هي في أيدٍ خبيرة وتحاصر الملعب من كل حدب وصوب، وتلاحق الكرة واللاعبين على طريقة برامج الواقع، وبأعلى درجة من الاستنفار، ما يذكّر بالكاميرات الموزعة في الشوارع ومحطات القطار والأماكن العامة التي ترصد كل شاردة وواردة. وعلى رغم تأجيل الحكم أو تجنب محاكمة النيات والانسياق مع نظرية المؤامرة، فإن نتيجة تلك الأخطاء سلبية ولا تخدم التصوير والإخراج اللذين يسهل، في هذه الحال، تسميتهما بالرسميين. وكأن من مهماتهما حماية المناسبة التلفزيونية الأضخم في العالم والتي ستتكرر بعد أربع سنوات. فالنقل التلفزيوني الرياضي مؤسسة في حد ذاته، ويشكل 60 في المئة من دخل الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا والذي تفوق موازنته موازنة الأممالمتحدة بأضعاف. لعل كل مشجع لمنتخب تعرض لخطأ تحكيمي احتواه وطمسه خطأ تصويري إخراجي سيتذكر ما يطبق عليه السيناريو التالي الذي تكرر في ثانية مباراتي الدور نصف النهائي التي جمعت منتخبي فرنساوالبرتغال. فقد أُعيد وكُرر مرات ومن كاميرات وزوايا عدة، الخطأ الذي ارتكبه المدافع البرتغالي في حق المهاجم الفرنسي وتسبب بضربة جزاء حقق قائد المنتخب الفرنسي زين الدين زيدان من خلالها هدفَ الفوز. بينما تجاهل الإخراج اصطدام الكرة بيد أحد مدافعي المنتخب الفرنسي، أو بالأحرى تجاهل الإخراجُ خطأ الحكمِ الذي لم يحتسب الاصطدام ذاك ضربة جزاء كان يمكن المنتخب البرتغالي أن يحقق هدف التعادل من خلالها. بل إن الإخراج في هذه الأثناء آثر إعادة خطأ المدافع البرتغالي وتسديدة زيدان وهدفه في مرمى البرتغال.