"المناديل"... كانت النجم الاول لمباراة فرنساوالبرتغال في الدور نصف النهائي من "اوروبا 2000"، والسبب ان البكاء طاول الجميع بعد الخروج الدراماتيكي والمحزن لاحد عمالقة البطولة... البرتغال. من منكم لم يذرف دمعة واحدة على الاقل، او قال: "والله حرام" بعد ان شهد منتخباً "كبيراً" يخرج بعد ان كافح بكل ما اؤتي من قوة وجهد وكان "ربما" على بعد بضع دقائق فقط من دخول التاريخ الكروي من اوسع ابوابه... الصعود الى المباراة النهائية لاكبر بطولة اوروبية للمرة الاولى. كابوس حقيقي عاشه منتخب البرتغال الرائع، قدم عروضاً اخاذة ونال استحسان واعجاب الجميع... ابهر فأذهل... وصال وجال ولقن المدارس الكروية الكبرى دروساً لن تنساها، اذل انكلترا وقهر المانيا وحقق فوزاً مهماً على رومانيا على رغم انه جاء على استحياء... باختصار "مسح" 3 قوى عظمى من على خريطة المستديرة الصغيرة. ثم تلاعب البرتغاليون بتركيا وحققوا فوزاً مقنعاً عليها في الدور ربع النهائي... وعندما واجهوا ابطال العالم في نصف النهائي كانوا اكثر من ند بل وتفوقوا عليهم في احيان كثيرة... وتقدموا بهدف بفضل موهبة وسرعة تلبية وحسن تصرف "النونو" غوميش، الذي كان اكبر من اسمه بكثير في هذه البطولة، قبل ان تدور عليهم الدائرة وتقلب فرنسا تأخرها الى فوز مستحق. السيناريو الفرنسي في "اوروبا 1984" تكرر من جديد في بروكسل، فقد خسرت البرتغال انذاك امام فرنسا ايضاً في الدور ذاته 2-3 بعد ان كانت متقدمة 2-1... وسجل هدف اللاعب الفلتة ميشال بلاتيني قبل النهاية بدقائق معدودة، وهو ما فعله خليفته في يوفنتوس الايطالي ومنتخب فرنسا زين الدين زيدان عندما كرر الواقعة واخرج "برازيلي اوروبا" بالطريقة ذاتها. المهم ان البرتغال خرجت مرفوعة الرأس بعد ان نالت احترام "الاعداء" قبل الاصدقاء، واكدت انها ستكون خصماً صعباً في تصفيات المونديال المقبل ونهائياته. خرجت البرتغال، ونام مواطنوها باكراً في حين رقصت فرنسا حتى الصباح. وأسف محبو الكرة الحلوة والممتعة على خروجها، لكن كان عزاؤهم الوحيد ان منتخباً عملاقاً آخر بقي تحت الاضواء. والمنتخب الفرنسي كان "موزوناً" كعادته، وعرف كيف يتعامل مع كل موقف واجهه خلال المباراة وان يتغلب عليه. لم يهتز بعد ان اهتزت شباكه، وعلى رغم انه كان "مسحوقاً" من شدة الارهاق بعد فوزه الصعب والمضني على اسبانيا في الدور ربع النهائي، دخل في اجواء المباراة سريعاً وركض لاعبوه كما لم يركضوا من قبل. وابرز ما مميزه اصراره على عدم الوصول الى ركلات "الحظ" الترجيحية، والدليل ذلك الجهد الخارق الذي بذله لاعبوه في الدقائق الخمس الاخيرة من الوقت الاضافي الثاني. اما "زيزو" فيحتاج لوحده الى صفحتي الرياضة بالكامل للحديث عن ادائه الممتع في هذا اللقاء، وتحديداً عن هدوء اعصابه عندما تصدى لركلة الجزاء الحاسمة واسكن الكرة الشباك البرتغالية بطريقة ولا احلى... فأظهر للجميع الفارق الكبير بين اللاعب الناضج الخبير وبين المواهب الشابة و"ارتباكها" في مواجهة المواقف الصعبة. واكد انه من طينة اخرى غير تلك التي منها الاسباني راوول حتى ولو كان الاخير "يقبض" راتباً سنوياً مقداره 8 ملايين دولار هو الاعلى في العالم! الخلاصة ان كلاً من المنتخبين قدم افضل عرض له - قياساً على صعوبة اللقاء - من النواحي الفنية والتكتيكة المغلفة بالروح القتالية العالية والحماسة والاصرار على تحقيق النصر، وكان هذا الطرف او ذاك قادراً في كل لحظة على انتزاع الفوز... غير ان الكلمة الاخيرة كانت فرنسية فدفع البرتغاليون غالياً ثمن الخسارة المرة. اللافت ان الاخطاء التحكيمية التي اشتهرت بها "اوروبا 2000" استمرت، ووقع النمسوي غونتر بينكو في اخطاء عدة من دون ان تكون مؤثرة على سير المباراة او النتيجة طيلة 115 دقيقة. لكنه سقط في المحظور عندما لم يتنبه للمدافع البرتغالي ابل كزافييه وهو يبعد الكره بيده من على خط المرمى بعد ان غطى فعلته بسقطة بهلوانية، ولولا شجاعة حامل الراية، في هذا الوقت الحرج جداً، وتدخله واطلاع الحكم بالواقعة الصحيحة 100 في المئة لظلم بينكو فرنسا و"ادخل" نفسه في ورطة لا يعرف احد كيف يخرجه منها. المهم، ان فرنسا صارت على ابواب تسجيل انجاز تاريخي جديد هو الفوز بالكأس الاوروبية بعد الحصول على كأس العالم مباشرة، وهو ما لم يحققه احد من قبل... فهل تفعل؟