بعد دخولها نهائيات كأس العالم لكرة القدم من الباب العريض من خلال تطبيقها للمرة الأولى في التاريخ، باتت تقنية المساعدة بالفيديو في التحكيم («في أيه آر») محط انتقادات كبيرة عقب الأحداث التي شهدتها مباراتي البرتغال-إيران، وإسبانيا-المغرب أمس (الاثنين). التقنية كان من المفترض أن توفر «حداً أدنى من التدخل» بدلاً من أن تكون ذات تأثير كبير ومثيرة للجدل إلى درجة كبيرة أيضاً. كانت المباراتان الأخيرتان في المجموعة الثانية تتجهان نحو الوقت بدل الضائع حيث كانت البرتغال في صدارة مجموعتها بتقدمها على إيران 1-صفر، وإسبانيا في المركز الثاني بتخلفها 1-2 أمام المغرب، لكن نتيجتا المباراتين تغيرتا بعدما قرر الحكمان الرئيسيان اللجوء إلى تقنية الفيديو. في كالينينغراد، سجلت إسبانيا هدفا عبر ياغو أسباس في الدقيقة الأولى من الوقت بدل الضائع ألغاه الحكم المساعد بداعي التسلل، بيد أن الحكم الرئيسي الأوزبكي رافشان إرماتوف طلب المساعدة بالفيديو، والتي أكدت بعد فترة توقف طويلة أن الهدف صحيح وبالتالي تعادلت إسبانيا 2-2. صب المغاربة جام غضبهم على التحكيم خصوصا مدربهم الفرنسي هيرفيه رونار ولاعبيه الذين احتجوا على ركلة الركنية التي احتسبها الحكم والتي بحسب رأيهم لم تنفذ من الجهة الصحيحة، حيث خرجت الكرة من الجهة اليسرى للملعب في حين أن الأسبان لعبوها من الجهة اليمنى. وفي الوقت ذاته في سارانسك، اقتنع الحكم البارغواياني إنريكي كاسيريس بمنح إيران ركلة جزاء إثر لمسة يد غير متعمدة من قبل المدافع البرتغالي سيدريك سواريس. وانبرى كريم أنصاري فرد للركلة بنجاح مدركا التعادل، ليتراجع أبطال أوروبا 2016 إلى المركز الثاني في المجموعة. وفي الدور ثمن النهائي، يتعين على كريستيانو رونالدو ورفاقه مواجهة الأوروغواي صاحبة العلامة الكاملة والصدارة في المجموعة الأولى، في حين يمكن أن يكون الإسبان أكثر سعادة كونهم سيواجهون أصحاب الضيافة في موسكو، ويمكن أن يكون طريقهم أسهل نظريا إلى النهائي. في اليوم ذاته وقبل مباراتي المجموعة الثانية، شهدت مباراة السعودية ومصر في المجموعة الأولى تدخلا لتقنية المساعدة الفيديو مرتين لحسم ركلتي جزاء للسعودية لكن الحالة الثانية استغرقت وقتا طويلا لتؤكد في النهاية الركلة التي أدركت منها السعودية التعادل. وفضلا عن دقة هذه القرارات المختلفة وتأثيرها على عدد ركلات الجزاء التي احتسبت حتى الآن وبلغ عددها 20 في أكثر نسخة شهدت ركلات جزاء في تاريخ كأس العالم، ساهم يوم الاثنين في تسليط الضوء على بعض عيوب هذه التقنية التي كان الاتحاد الدولي (فيفا) قد أكد قبل انطلاق المونديال أن معادلتها هي «الحد الأدنى من التدخل لتحقيق أقصى فائدة». وعبر مهاجم المنتخب المغربي نور الدين أمرابط عن سخطه من تقنية المساعدة بالفيديو في نهاية المباراة ضد إسبانيا، إذ قال متوجها إلى كاميرا تلفزيونية بالقول «هذا هراء». قرارات مزيفة؟ ولكن، إذا كان هدف التعادل لإسبانيا صحيحا، فإن القرارات في سارانسك كانت أكثر إثارة للجدل. فقد أهدر كريستيانو رونالدو ركلة جزاء احتسبها له الحكم بعد اللجوء إلى تقنية الفيديو، وبعدها تلقى بطاقة صفراء بعد اللجوء إلى التقنية ذاتها إثر ضربه مدافعا إيرانيا بالكوع. انتقد البرتغالي كارلوس كيروش مدرب إيران قرار الحكم، وقال «الواقع هو أنه إذا أوقفت المباراة من أجل الاستعانة بتقنية الفيديو لمراجعة حادثة تتعلق بتوجيه كوع، فإن تلك الضربة بحسب القوانين تستدعي رفع البطاقة الحمراء. القوانين لا تقول إذا كان الأمر يتعلق برونالدو أو (الأرجنتيني ليونيل) ميسي». وتابع «إنها بطاقة حمراء، الأمر لا يتعلق بالحكم بل بالسلوك، الشجاعة والشخصية، ويجب أن تكون القرارات واضحة للجميع، وبالتالي، وبرأيي الشخصي فإن السيد (رئيس الفيفا جاني) إنفانتينو والفيفا والجميع يوافقون على أن تقنية الفيديو لا تسير كما يجب». وتابع «هذه هي الحقيقة، ثمة الكثير من الاحتجاجات». خرجت إيران تاركة بطولة تهيمن عليها انتقادات كبير لتقنية المساعدة بالفيديو. احتسبت 20 ركلة جزاء حتى الآن، وهو رقم قياسي قبل انتهاء دوري المجموعات. وقد تم احتساب العديد منها، مثل هدف فوز السويد على كوريا الجنوبية (1-صفر)، بعد التأكد منها من خلال الفيديو. كان السويديون أيضا ضحايا لخطأ رسمي كبير عندما حرموا من ركلة جزاء مبكرة في المباراة التي خسروها أمام ألمانيا (1-2) بسبب خطأ ارتكبه جيروم بواتينغ على ماركوس بيرغ، كان واضحا خلال الإعادة البطيئة. وانتقد مدرب السويد يانه أندرسون حكم المباراة البولندي سيمون مارتشينياك بقوله «إذا كان لدينا جهاز من المؤسف أنه لم يكن لديه شعور الذهاب وإلقاء نظرة على اللقطة». وبحسب مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي يسن قوانين اللعبة، للحكم وحده حق طلب مراجعة اللقطة عن طريق الفيديو. يقوم أحد حكام الفيديو بعد رؤية حادث معين، بإبلاغ الحكم الأساسي الذي يقرر مراجعته أم لا. ومن الواضح أن هذه التقنية ليست خالية من العيوب، وهذا ما يؤدي إلى إحباك. قد يكون ثمة أيضا قلق من أن استعراض عمليات إعادة الإبطاء يمكن أن يجعل الحوادث التي تحدث في المباراة تبدو أسوأ مما هي عليه. التقنية أيضا قد تؤدي إلى إرباك للجماهير في الملعب، لكونها لا توفر لهم اطلاعا كافيا بقدر المتابعين عبر شاشات التلفزة. وردا على سؤال لوكالة فرانس برس، يؤكد الاتحاد الدولي أن حصيلة التحكيم سيتم استعراضها في مؤتمر صحافي الجمعة عقب نهاية الدور الأول.