"بيت الأممالمتحدة" في وسط بيروت الذي تحولت باحته المقابلة منذ بداية الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان الى ساحة احتجاج مضبوطة الإيقاع كان شاهداً امس، على غضب تجاوز الحدود المرسومة أمنياً وسياسياً على المجزرة الإسرائيلية الجديدة في قانا، وكيف لا يكون كذلك من بيته من زجاج ولا يرشق بالحجارة؟. كان عشرات من الشبان والفتيات وبضعة أطفال تجمعوا قرابة الحادية عشرة قبل الظهر عند تقاطع ساحة رياض الصلح في اتجاه السرايا الكبيرة، عقب المؤتمر الصحافي لرئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة في السرايا القريبة، رافعين لافتات مجهزة مسبقاً تستنكر مواقف عربية من العدوان الإسرائيلي وصوراً للأمين العام لپ"حزب الله"السيد حسن نصر الله فيما كانت كاميرات محطتي"المنار"وپ"الجزيرة"تغطي الحدث مباشرة على الهواء ناقلة سخط المتجمعين من المجزرة المرتكبة في حق المدنيين ولا سيما الأطفال. واستقطب الجمع المزيد من الغاضبين الذين خرجوا من منازلهم او جاؤوا من مراكز للنازحين في بيروت وبعضهم تم تشجيعه على النزول حتى لا يبقى الاستنكار العارم داخل الغرف المغلقة، والمشجعون بحسب سؤال"الحياة"لبعض المنضمين الى التحرك كانوا من غير"حزب الله"أو حركة"أمل"، بل أمكن رصد انضمام نواب سابقين وهيئات دينية وشخصيات معارضة. ضاق المكان المحدد بالعوائق الحديد بأجساد المتجمعين الذين رفعوا الأعلام اللبنانية ورايات"حزب الله"وحركة"امل"والحزب السوري القومي الاجتماعي وحتى صوراً للرئيس الشهيد رفيق الحريري كتب عليها"وينك يا أبا بهاء لترى مجزرة العام 2006"ولم يشف غليلهم الهتاف بالموت لإسرائيل وأميركا ولا الدعاء الى السيد نصر الله لقصف تل ابيب، فتجاوز الشبان منهم العوائق الحديدية التي تمنع غير موظفي الأممالمتحدة من الدخول، واندفعوا في اتجاه مدخل المبنى الدولي، ولم يكن من امر لدى القوى الأمنية في قمع هؤلاء ولا قدرة لحرس الأممالمتحدة كما قال أحد الحراس لپ"الحياة"على لجم غضبهم، واقتحموا الباحة الداخلية للمبنى وحطموا زجاج الواجهات الأرضية ودخلوا منها الى قاعة كافيتيريا الموظفين ومنها الى المدخل الرئيس وبقية المكاتب في الطابق الأرضي وأمعنوا تكسيراً وتحطيماً للأثاث والمعدات فيما لجأ الحرس الى الطوابق تحت أرضية، علماً ان المبنى كان خالياً من الموظفين بسبب عطلة نهاية الأسبوع. وكاد البعض ان يضرم النار في صناديق خشبية موجودة في المكان وطاول رشق الحجارة الجدران الزجاجية للطوابق العليا وتحطم بعضها. وتسارعت الاتصالات مع المسؤولين السياسيين والأمنيين لوقف أعمال الشغب هذه، وفيما دعا تلفزيون"المنار"الى"الحفاظ على هذه المؤسسة الدولية"، انتقل عدد من نواب"حزب الله"الى مكتب الرئيس بري في ساحة النجمة المجاورة وناشد بري المتظاهرين وقف الاعتداء على المبنى. وسارع نواب من كتلة"الوفاء للمقاومة"ومن"التنمية والتحرير"الى المكان وانضم إليهم عناصر من أمن"حزب الله"وآخرين من قيادة حركة"امل"واستدعي عدد كبير من عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي وتم تطويق المبنى وإخراج المعتدين من داخله، وسط دهشة معتصمين آخرين اذ كما قالت الشابة المحجبة التي راحت تراقب من بعيد ما يحصل بأنه يشبه"أحداث الشغب في الاشرفية وهذه ليست حضارة بل همجية". حين ابعد الجيش المعتصمين الى الباحات البعيدة، كان يمكن قراءة ما كتب على جدران بيت الأممالمتحدة، وبين الكلمات"تحية الى اطفال قانا النصر آت"، وشعار المطرقة والمنجل، لكن ثمة كتابات اخرى بينها تتهم سعد الحريري بالخيانة! وحاول بعض المتظاهرين التقدم الى السرايا الحكومية واعتدى بعضهم على سيارتين لوزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت ولمدير عام قوى الأمن الداخلي كانتا في طريقهما الى باحة السرايا، وعملت القوى الامنية على ضبط الوضع. وألغيت تظاهرة كانت مقررة الى محيط السفارة الأميركية في عوكر إذ لم يصل إلا نحو 50 شخصاً بعدما منعت حواجز الجيش اللبناني التي انتشرت على الطرق بين بيروت وعوكر الشباب من الوصول. وكانت اتخذت إجراءات أمنية متشددة في المناطق المؤدية الى السفارة.