شهدت الجلسة الثانية للحوار اللبناني أمس نقاشاً سلساً، في حين غلبت السخونة على الشارع بسبب تجدد الصدامات بين الحراك المدني والشبابي الاحتجاجي على الطبقة السياسية وبين القوى الأمنية من جهة، وبين شباب الحراك ومناصرين لرئيس البرلمان نبيه بري من جهة أخرى، ما أدى الى سقوط جرحى وتوقيفات وفوضى في وسط بيروت، انتهت باعتصام جديد نفذته هيئات الحراك المدني في ساحة رياض الصلح. (للمزيد) وكان ناشطو الحراك دعوا الى التجمع عند المداخل المؤدية الى البرلمان قبل بدء توافد رؤساء الكتل النيابية المشاركة في الحوار، ولا سيما عند المدخل القريب من ساحة الشهداء، وعند الجهة المقابلة في منطقة وادي أبو جميل، لرمي مواكب النواب بالبيض، لكن الإجراءات الأمنية المشددة حالت دون تمكنهم من ذلك. وحاول المتظاهرون الذين ساندتهم تنظميات يسارية، منها الحزب الشيوعي، اختراق حاجز القوى الأمنية عند طرف ساحة الشهداء، معتبرين الحوار «طاولة الحرامية»، ورشقوا قوات مكافحة الشغب بالحجارة وعبوات المياه والبندورة، فحصل تدافع تحوّل مواجهات استخدمت القوى الأمنية فيها الهراوات، ثم تحول الأمر الى كر وفرّ على مراحل عدة جرى خلالها توقيف عدد من المتظاهرين، وبينهم قياديون من الحراك الشبابي أفرج عنهم لاحقاً. وانضم المضربون عن الطعام أمام وزارة البيئة للمطالبة باستقالة الوزير محمد المشنوق الى المتظاهرين، فشاركوا في المواجهات، وأُوقف بعضهم أيضاً، وحاول بعض الناشطين تهدئة المتظاهرين قبل أن يسعوا إلى اقتحام حاجز قوى الأمن، لكنهم لم يفلحوا في إقناع زملائهم. وشملت عمليات الكر والفر التي كانت ساحة الشهداء مسرحها الرئيس، مواجهة بين المعتصمين المضربين عن الطعام قبالة مبنى اللعازارية حيث وزارة البيئة، إذ تعرض هؤلاء لهجوم من شبان ارتدى بعضهم قمصاناً سوداً اعترضوا على رفع المتظاهرين شعارات ضد بري في حملتهم على الطبقة السياسية، ورشقوا المعتصمين بالحجارة ورموهم بالكراسي، إلى أن تدخلت قوة مكافحة الشغب لفض الاشتباك. وأخذ المعتصمون يهتفون «سلمية سلمية». وقال بيان لقوى الأمن إن عناصرها أوقفوا من يعتدون عليهم بالضرب. ودعت هيئات الحراك المدني الى اعتصام مساء في ساحة رياض الصلح احتجاجاً على التوقيفات والقمع، فتجمهر المئات مساء هناك، فيما أعلنت مصادر أمنية الإفراج عن الموقوفين بسندات إقامة وتعهُّد بعدم القيام بأعمال شغب، وبينهم من حاول رمي زجاجات «مولوتوف» على رجال الأمن. أما على صعيد طاولة الحوار، فقد كانت أزمة النفايات أحد مواضيعها، إذ أثارها رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط، داعياً الى تطبيق خطة الوزير أكرم شهيب، فيما جرى سجال بين رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل في شأن موقف «التيار الوطني الحر» منها. ودعم البيان الختامي للحوار قرارات الحكومة، لكن النقاش حول البند الأول من جدول الأعمال المتعلق بانتخاب رئيس الجمهورية أخذ مداه، وتغيب عن الجلسة رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي، الذي أناب عنه الوزير باسيل. وتقاطعت انطباعات عدد من المشاركين في الحوار في قولهم ل «الحياة» إنه كان هادئاً خلال مقاربة موضوع الرئاسة، وتميزت المداخلات وفق بعض وقائعها التي تنشرها «الحياة»، بالآتي: - أن هناك اتجاهاً غالباً يرفض أو لا يحبذ تعديل الدستور لانتخاب الرئيس من الشعب وفق اقتراح العماد عون، على رغم قول الوزير باسيل بضرورة انتخاب رئيس يمثل المسيحيين وحصول «التيار الوطني الحر» على 73 في المئة من أصواتهم، فرد عليه نائب رئيس البرلمان فريد مكاري مؤكداً أن المعطيات منذ عام 2005 إلى اليوم تغيرت كثيراً. وإذ دعا باسيل لاستفتاء الشعب، ملمحاً إلى أنه «إذا ما في تجاوب معنا... لا ضرورة لحضورنا»، اعتبر بري كلامه تهديدياً، فنفى باسيل أن يكون قصد ذلك. - توافق رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل مع رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة على الدعوة الى رئيس توافقي لا من 8 ولا من 14 آذار، فوافق رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية على صفة التوافقي، شرط موافقة المسيحيين من الفريقين عليه، لكنه رفض الرئيس الوسطي. ومقابل توافق السنيورة مع بري وآخرين على استبعاد تعديل الدستور، كان لافتاً أن فرنجية سأل إذا كان انتخاب رئيس من موظفي الفئة الأولى «ممدد له» (يقصد قائد الجيش العماد جان قهوجي) يحتاج إلى تعديل دستوري، فأجاب بري والسنيورة أن هذا يحتاج إلى تعديل دستوري. - عقب بري عقّب على قول مكاري بأن «علينا أن نصل إلى «بروفايل» للرئيس المقبل قبل مناقشة البنود الأخرى»، بالقول: «النقاش قد يتطرق الى أي شيء لكن لن يبدأ تطبيق أي أمر قبل انتخاب رئيس». - حذر السنيورة من تدهور الوضع الاقتصادي إذا لم ينتخب رئيس، وجدد انتقاد «حزب الله» لتدخله في سورية، ما يضع لبنان أمام مخاطر لعبة الأمم... فيما شدد ممثل الحزب محمد رعد على وجوب انتخاب رئيس يطمئن المسيحيين، مطالباً تيار «المستقبل» بمحاورة العماد عون مجدداً.