ارتفعت قيمة واردات الجزائر من المواد الغذائية خلال النصف الأول من العام الحالي لتصل إلى 1.7 بليون دولار، أي بزيادة 30 في المئة مقارنةً بالفترة نفسها عن عام 2005، في الوقت ذاته، ارتفعت قيمة واردات الأدوية بنسبة 16 في المئة، وهي مرشحة لتصل إلى 1.2 بليون دولار خلال سنة 2006. فاجأت هذه الأرقام، التي كشف عنها المركز الوطني للإحصاء والإعلام التابع لإدارة الجمارك الجزائرية نهاية الأسبوع الماضي، الكثير من المراقبين للسوق الجزائرية، إذ جاءت على نحو مناقض للتصريحات الرسمية التي تتحدث عن عزم الحكومة تحقيق اكتفاء ذاتي في بعض المواد الغذائية، ومن ثم تقليص قيمة المواد المستوردة. أما السياسة الجديدة التي تتبناها الحكومة في مجال صناعة الدواء، والهادفة إلى تشجيع اقتناء الأدوية الجينية وتلك المنتجة محلياً، فإنها لا تزال في مراحلها الأولى. واللافت أن قيمة الواردات الغذائية للعام الماضي لم تتجاوز 2.6 بليون دولار، ما ينذر ببلوغها 3.5 بليون دولار نهاية العام الحالي، في حال استمرت عملية الاستيراد بالوتيرة ذاتها. وسجلت واردات الحليب والألبان ارتفاعاً بنحو 1.80 في المئة، على النقيض من التصريحات التي أدلى بها وزير الفلاحة الذي أشار إلى أن الجزائر تنفق حالياً ما يعادل 500 مليون دولار سنوياً لاستيراد الحليب، وأنها ستحقق اكتفاءً ذاتياً مع بداية العام 2007، بإنتاج ما يعادل 3 ملايين ليتر سنوياً من الحليب. في حين بلغت فاتورة استيراد السكر 238 مليون دولار، مقابل ارتفاع واردات البن والشاي إلى 86 مليون دولار. وكانت إحصاءات سابقة للجمارك الجزائرية، أشارت إلى تسجيل ارتفاع في واردات الحليب لتبلغ 202.79 مليون دولار نهاية آذار مارس الماضي، مقابل 176.18 مليون دولار سنة 2005، أي بزيادة 15.10 في المئة. وفي سياق متصل، قررت الجزائر رفع إنتاجها من الحبوب من 15 مليون قنطار سنة 2000 إلى ما بين 34 و40 مليون قنطار سنة 2005، علماً أنها تستورد ما يعادل 20 مليون قنطار لاستيفاء حاجاتها من الحبوب، ما جعل الحبوب تحتل الصدارة في قائمة المواد المستوردة. كما بلغت فاتورة استيراد اللحوم الحمراء بمختلف أنواعها 40 مليون دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2006، مقابل 99.22 مليون دولار خلال السنة الماضية. وفي مجال الأدوية، تشير معلومات"مركز الإحصاء والإعلام"إلى تسجيل ارتفاع" قياسي"في فاتورة استيراد الأدوية بزيادة 16 في المئة خلال النصف الأول من السنة الحالية، بعدما فاقت 700 مليون دولار سنة 2005، ويرجّح أن تصل قيمة الأدوية المستوردة 1.2 بليون دولار خلال سنة 2006. وقد شرعت الحكومة الجزائرية في السنوات الأخيرة في مراجعة سياستها في مجال الدواء والطب والضمان الاجتماعي للحد من الفواتير"الباهضة"التي تتكبدها الدولة. فإضافة إلى قرار الحكومة دعم إنتاج واستهلاك الأدوية الجينية التي ينتجها مجمع"صيدال"الحكومي للأدوية، فإنها تعوّل خصوصاً على تقليص قيمة استيراد مادة"الأنسولين"الحيوية بعد نجاح"صيدال"في فتح أول مصنع للأنسولين في مدينة قسطنطينة شرق العاصمة الجزائر في نيسان أبريل الماضي لإنتاج خمسة ملايين علبة من دواء"أنسودال"لفائدة 800 ألف مريض بحاجة الى الدواء، بعدما بلغت فاتورة استيراد الأنسولين 26 مليون دولار سنة 2005 . ويوفر مجمع"صيدال"نسبة 38.12 في المئة من الإنتاج الإجمالي في مجال الأدوية في الجزائر، مقابل 12.12 في المئة للمعمل الفرنسي"صانوفي"، ويليهما معمل"فايزر"بنسبة 1.044 في المئة من حجم الإنتاج المحلي للدواء. ويمثل الدواء الأساس 80 في المئة في الجزائر، مقابل 20 في المئة أدوية جينية. و رغم تلك السياسات الإصلاحية، إلا أنها تبقى مستوردا رئيسا للمضادات الحيوية التي تجاوزت 200 مليون دولار، مقابل 100 مليون دولار لاستيراد اللقاحات. وتشير إحصاءات سابقة إلى أن قيمة استيراد الأدوية بلغت 480 مليون دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام، مقابل ما معدله نحو بليون دولار سنوياً في الأعوام الماضية.