يتساءل الكثير من المواطنين والمقيمين قبل أن يشتكوا، ما سر هذا التردي المريع في خدمات الاستراحات والمحطات على طرق السفر بين مناطق المملكة، إذ لا عقل ولا خلق يقبل مستوى عدم النظافة في مساجدها ودورات المياه، ولا قانون ولا اقتصاد يشجع على اللامبالاة في وضع مطاعمها ومقاهيها الراهن، فأين الرقابة؟ ولماذا لا تستغل تلك الأماكن استثمارياً وسياحياً؟ هي أهم ما يطرح أمام كثير من الجهات المعنية. وذكر محمد العنزي أنه دخل أحد المساجد في إحدى الاستراحات على طريق عرعر طريف، ووجده منعدم النظافة، وأن فيه أوساخ الطيور على شبابيك المسجد من الداخل وعلى أرضية وزوايا المسجد، على رغم وجود مكانس يدوية وكهربائية شوهدت في المسجد إلا أن انعدام النظافة كان شاهداً على عدم استخدامها، وقال: «الاستراحات على الطرق الدولية أصبحت ذات سمعة سيئة بين المسافرين، فقليل جداً من يثق بجودة ونظافة ما تقدمه المطاعم من مأكولات، وبتاريخ وصلاحية المواد الاستهلاكية في السوبر ماركت، ونظافة دورات المياه وتعقيمها وصيانتها». وأشار حمود الشمري إلى أن الغريب هو عدم توافر أنواع الوقود في هذه المحطات واقتصاره على نوع واحد، وكذلك انعدام الرقابة على المواد الغذائية داخل السوبرماركت في هذه المحطات، إضافة إلى عدم وجود مبان جيدة وتصميم على مستوى عال لها، وانعدام نظافة دورات المياه وسوء خدمة المطاعم بشكل كبير، وقال: «الجميع يتساءل عن غياب الرقيب الذي أوكلت إليه مهمة متابعة هذه المحطات والاستراحات الأشبه ب«البيوت المهجورة»، التي يجبر ملايين المسافرين كل عام على اللجوء إليها. وأضاف: «يجب أن تطور هذه المحطات، فهي رافد اقتصادي مهم، خصوصاً على الطريق الدولي الذي يربط دول الخليج بالشام وتركيا وأوروبا، وتمر عبره آلاف الشاحنات التي تنقل البضائع من السعودية، وهؤلاء يجب تقديم خدمة جيدة لهم، خصوصاً أنه لم يعد سراً أن بعض سالكي الطريق باتجاه الشمال صاروا يتعمدون عدم التوقف في هذه المحطات إلا لضرورة، لعلمهم أن هناك أخرى خارج الحدود السعودية تقدم خدمات راقية سواءً تلك الخاصة بالطعام أم غرف الإيجار»، مطالباً بوضع تصميمات خاصة للعائلات، على أن تمنح الحكومة المميزة منها خفضاً في الإيجار، وتفرض عقوبات على الأخرى التي لا تلتزم بالشروط. من جهته، أوضح احد أصحاب المحطات على الطرق الدولية انه لا يوجد تنظيم خاص لهذه المحطات، وأنهم يحصلون على التصريح الرسمي من الجهات الحكومية، وأن موظفي صحة البيئة نادراً ما يزورونهم لمراقبة المطاعم، التي في غالبها مؤجرة من العمالة الوافدة وبعضهم لا يحمل رخصاً صحية، وقال: «الأمر يرجع إلى صاحب المحطة ومراقبته لعمله وضميره، وأن مواسم العمرة والحج والسياحة تعد عناصر مشجعة على الاستثمار في هذا المجال والارتقاء بالمحطات لتضاهي مثيلاتها في الدول المتقدمة». وكان رئيس الهيئة العامة للسياحة الأمير سلطان بن سلمان، قال في تصريحات سابقة إن الهيئة تسعى منذ أعوام لتطوير الاستراحات، كونها جزءاً مهماً من قطاع السياحة، كاشفاً وجود تضامن بين الهيئة ووزارتي الشؤون البلدية والقروية والنقل والمستثمرين، «والجميع ينتظر القرارات من الدولة التي نتمنى أن تصدر بشكل عاجل حتى يستفيد منها المواطن»، مضيفاً إن قطاع السياحة عبارة عن صناعة خدمات، «والسياحة ليست مقتصرة على الترفيه فحسب وإنما الترفيه يعتبر جزءاً من الخدمات، والسياحة لن تنجح دون الخدمات الملائمة والنقل الجيد». ولفت الأمير سلطان إلى أن المواطن مقبل على السياحة بشكل كبير، وبالتالي يجب توافر الخدمات التي تليق به، «أكثر من 80 في المئة من المواطنين يتنقلون عبر الطرق البرية السريعة، والوضع الحالي لعدد كبير من استراحات الطرق، مقزز ولا يليق بهذا البلد».