ما يحدث في لبنان تجسيد للمأساة التي نعيشها جميعاً منذ سنوات عدة، هذه المأساة التي عشناها مهزومين ومقهورين وممزقين وممنوعين من التفكير والفعل في ظل نظم متخلفة مستبدة، لا يقف أمامها إلا قوى ظلامية أكثر تخلفاً واستبداداً، وتتنازع هي والسلطات الحاكمة مصائرنا وثرواتنا وحقنا في الحياة وفي الحرية. وما يحدث في لبنان هو تجسيد لهذه المأساة ونتيجة لها، لبنان الذي حاول أن ينقذ نفسه، أن يخرج من هذا المصير، وألا يكون ورقة في المقامرات التي تحدث بين بعض القوى والنظم الموجودة في المنطقة من ناحية، والأميركيين والإسرائيليين من ناحية أخرى - ممنوع من إنقاذ نفسه والخروج من هذا المصير، وممنوع من ان يسترد ديموقراطيته ودوره الثقافي والتقدمي والتنويري بالمنطقة. من الطبيعي ان يقاوم لبنان العدوان الإسرائيلي الدائم ليس عليه فحسب لكن على المنطقة كلها، ولكن بأي صورة، بأي شكل ووسيلة، لا يستطيع لبنان أن يقاوم العدوان أو يلعب دوره في المنطقة ويحمي حياة أهله - إلا من خلال دولة قوية لها مؤسساتها السياسية والدفاعية والديبلوماسية، لا تستطيع أي جماعة أو حزب أو طائفة ان تقتنص دور الدولة، لأن الدولة، في هذه الحال، ستعجز عن مواجهة الردود المنتظرة من الاسرائيليين والأميركيين. والذين يظنون أنهم يقاومون، هم يقامرون بحياة ودماء ومصير ووجود لبنان. مأساة لبنان من مأساتنا، ومن المؤسف انه يتحمل أكثر من الجميع النتائج المترتبة على أخطاء الجميع. شاعر مصري