في أول اختبار نيابي لها، تواجه الحكومة الإيطالية برئاسة رومانو برودي مصاعب حقيقية أبرزها بنيتها المتباينة والمعقدة حيث تيارات اليسار الشيوعي واليسار الاشتراكي والوسط الديموقراطي المسيحي. وهدد ثمانية من أعضاء مجلس الشيوخ الذين ينتمون إلى تكتل برودي بالتصويت ضد المرسوم الحكومي الذي جددت بموجبه حكومة برودي أمس التمويل نصف السنوي للوحدات العسكرية الإيطالية المتواجدة في العراقوأفغانستان والبلقان والسودان. وفيما لم يواجه الملف العراقي المعارضة التقليدية من قبل اليسار الإيطالي، عارض ستة سيناتورات يمثلون هذه الأحزاب المرسوم الحكومي لتجديد التمويل وطالبوا ربط التجديد بسحب القوة الإيطالية العاملة ضمن القوات متعددة الجنسيات في أفغانستان، الأمر الذي رفضه برودي وقادة تكتلّه عموماً ما عدا ممثلي الحزبين الشيوعيين داخل التكتّل. وعدم اعتراض اليساريين على التمويل الحكومي للبعثة العاملة في العراق مردّه أن ما يقرّه المرسوم الحكومي يدخل ضمن الالتزامات الطبيعية للدولة تجاه عسكرييها العاملين في دول أخرى. لكن ما أثار حفيظة التيار الشيوعي وتيار الخضر داخل التكتّل الحاكم هو أن الحكومة، على رغم رفضها طلب الحلفاء زيادة التواجد العسكري الإيطالي في أفغانستان، لم تقرّر موعداً لسحب القوة العاملة في أفغانستان وهو ما تراه تيارات اليسار الراديكالي في ائتلاف برودي"مناقضاً لبنود الدستور الإيطالي الذي يحرّم على إيطاليا الاشتراك في الحروب التي لا تدخل ضمن واجب الدفاع عن الوطن". وفيما طالب زعماء من الغالبية الحاكمة حلفاءهم اليساريين الالتزام ببنود الاتفاق الانتخابي الذي انتصر به تكتل برودي على تكتل يمين الوسط بزعامة سيلفيو بيرلوسكوني، اعترض زعيم حزب الشيوعيين الإيطاليين ماركو ريتسي على تلك الدعوة مشدداً على أن حزبه"لا يرى أي اختلاف في موقف الحكومة الحالية وموقف حكومة بيرلوسكوني من هذا الملف ومن المسببات الداعية لتمديد التمويل الجديد"وهو ما يدعوه وحزبه إلى"عدم إقراره والتصويت ضده في البرلمان". وإذا أخذ في الاعتبار أن حكومة برودي تستند إلى غالبية ضيّقة للغاية في مجلس الشيوخ، أي بفارق صوتين فقط، فإن التصويت السلبي للسيناتورات اليساريين الثمانية سيوقع الحكومة في مطب دستوري. وإذا كان عدم طرح المرسوم على التصويت في مجلس الشيوخ لن يُعرّض الحكومة إلى الانهيار، لكن التباينات السياسية المتوقّعة ومحتملة البروز قبل نهاية العام الحالي داخل التكتّل الحاكم قد تستدعي إعادة النظر في كثير من الأمور. ودعا سيلفيو بيرلوسكوني حلفاءه إلى العمل على إسقاط حكومة برودي بالاستفادة من الخلاف الناشب بين الحكومة والشيوعيين حول الملف الأفغاني، لكن دعوته هذه اصطدمت باعتراض الحزب الديموقراطي المسيحي بزعامة رئيس مجلس النواب السابق بيار فيرديناندو كازيني. وأكد زعماء في هذا الحزب استعدادهم للتصويت لمصلحة المرسوم الحكومي"على رغم الاعتراض على الحكومة"وبرر الحزب موقفه باعتباره الجنود الإيطاليين الذين يخدمون خارج البلاد"أرسلوا لأداء تلك المهمات بقرارات من الدولة المسؤولة عنهم ومن غير المعقول تركهم خارج الوطن من دون غطاء مالي أو سياسي".