يفتح البرلمان الإيطالي أبوابه لأعضائه الجدد الأسبوع المقبل، مصادقاً بذلك على هزيمة رئيس ائتلاف اليمين- الوسط الحاكم سيلفيو بيرلوسكوني في الانتخابات السابقة، لكن رئيس الحكومة المنتهية ولايته، يُصرّ على عدم تهنئة منافسه رومانو برودي بالفوز. ولم يكتف بيرلوسكوني بالاعتراض على نتائج الانتخابات، بل عبر إلى الهجوم المضاد في محاولة لخلخلة التوازنات داخل ائتلاف برودي، من خلال ترشيح السيناتور جوليو أندريوتّي لمنصب رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي، ثاني أعلى منصب دستوري في إيطاليا، وينوب صاحبه عن رئيس الجمهورية في حال غيابه عن روما. ووافق أندريوتّي على الترشيح"شرط أن يكون مؤشراً إلى الوحدة الوطنية". وجاءت فكرة ترشيح أندريوتّي لهذا المنصب وإقناعه بالقبول، نتيجة لهندسة بارعة أنجزها نائب بيرلوسكوني ومستشاره الأقرب جانّي ليتّا وحليف بيرلوسكوني بيير فيرديناندو كازيني زعيم الحزب الديموقراطي المسيحي ورئيس مجلس النواب السابق ، وكلا الشخصيتين من أصول ديمقراطية مسيحية وعلى علاقة خاصة بالسيناتور أندريوتّي. وإذا أخذ في الاعتبار ما يشكّله أندريوتّي من قيمة تاريخية للكثير من القادة المسيحيين في إيطاليا، فإن فرص مرشح الائتلاف الفائز في الانتخابات فرانكو ماريني لمنصب رئيس مجلس الشيوخ يبدو في مهب الرياح، ما يزيد من حال الاستياء داخل ائتلاف برودي لأن انتخاب أندريوتّي سيحرم المعتدلين المُمثّلين بحزب المارغريتا ذي الغالبية الوسط المسيحي وهو الجناح الثاني الأقوى داخل ائتلاف برودي من أحد المنصبين الدستوريين الرئيسيين. وبترشيحه أندريوتّي، يسعى بيرلوسكوني إلى اقتناص رئاسة أحد مجلسي البرلمان من يد برودي الذي أكد، وحلفاؤه، أنه لن يتخلى عن أي من المنصبين الدستوريين لمصلحة ائتلاف بيرلوسكوني. وقد يُفضي هذا الترشيح إلى شق ائتلاف برودي وبالذات في مُكوّنه المسيحي المُمثّل بجزء من حزب"مارغريتا"وحزب"وحدة المسيحيين الديموقراطيين"بزعامة كليمنتي ماستيلا الذي أعلن أنه يفكر جدياً"بعدم دخول الائتلاف الحكومي المقبل والاكتفاء بدعمه من الخارج"، ما سيشكّل خطراً دائماً على ائتلاف برودي في مجلس الشيوخ. وبدأ بيرلوسكوني وحلفاؤه الضرب على وتر الصراع داخل ائتلاف برودي من خلال التأكيد على أن قبوله بترشيح فاوستو بيرتينوتّي إنما هو"تنازل للتيار الأكثر راديكالية ضد مصالح تيار الوسط في الائتلاف". وشهد ملف رئاسة مجلسي النواب والشيوخ تطوّراً هاماً عندما أعلن رئيس الديموقراطيين اليساريين ماسّيمو داليما تنازله عن الترشيح لرئاسة مجلس النواب لمصلحة بيرتينوتّي. وفيما يرفض برودي التعليق على ترشيح اندريوتّي ويصر على أنه"منشغل بتشكيل الحكومة"، يتلوّن الوضع الإيطالي الحالي بطابع التحريض. فعلى رغم انتصار ائتلاف برودي يسار الوسط في الانتخابات وإخراجه بيرلوسكوني من قصر كيجي مقر رئاسة الحكومة في روما، فإن الفارق الضئيل الذي يملكه في مجلس الشيوخ سيكون، خطراً متواصلاً على رأس الحكومة التي يُمكن أن تتعرض إلى مصاعب في أي تصويت مقبل.