سلّمت اسرائيل بنهاية حقبة رئيس الوزراء آرييل شارون الذي أجريت له امس جراحة ثالثة دامت ثلاث ساعات نجح خلالها الاطباء في وقف نزيف جديد في المخ. وفيما تواصلت اسرائيلياً وفلسطينياً وأميركياً حال عدم اليقين في شأن مرحلة"ما بعد شارون"، ظهر شبه اجماع على ان التطورات الاخيرة من شأنها وضع عملية السلام في حال من الجمود في انتظار انتخاب قيادة اسرائيلية جديدة وبلورة موقف اميركي اما باتجاه المراهنة على هذه القيادة الجديدة لاستكمال مشروع السلام او الانكفاء الديبلوماسي. راجع ص4 و5 وفي مستجدات مرض شارون الذي اجريت له عملية جراحية طارئة امس، قال مدير مستشفى هداسا الدكتور شلومو مور يوسف:"خلال الجراحة أمكن تخفيف الضغط بالدماغ واذابة بعض التجمعات الدموية التي بقيت من الجراحة السابقة. وبانتهاء العملية لم يكن هناك نزيف نشط"، مضيفا أن هناك"تحسناً ملحوظاً"في المخ مقارنة بتصوير الاشعة السابقة وان"حالته ما زالت حرجة، لكن مستقرة". واكد احد الجراحين الذين شاركوا في العملية الجراحية البروفسور فيليكس اومانسكي انه"ما زال امام شارون فرصة للبقاء على قيد الحياة. لا استطيع ان اجزم انه سيتعافى بنسبة مئة في المئة، ولكني آمل بذلك". واضاف:"انه يتحسن. علينا ان ننتظر يومين او ثلاثة ايام. وسنجري مسحاً مقطعياً آخر، واذا ثبت عدم وجود مشاكل اخرى، فسنبدأ باخراجه من الغيبوبة". وتابع:"لا يوجد اي نزيف، وعاد الضغط داخل الدماغ الى طبيعته". ورغم السيطرة على التدهور في صحة شارون، الا ان مسألة خروجه معافى سالماً من مرضه وعودته الى عمله، باتت في حكم المستحيل. وبدأ المسؤولون الاسرائيليون يستعدون لمرحلة ما بعد شارون، فبدأ شمعون بيريز بدرس موقفه من العودة الى حزبه السابق"العمل"، في حين شرع زعيما"ليكود"بنيامين نتانياهو و"العمل"عمير بيرتس في جس نبض شخصيات سياسية لاعادتها الى حزبيهما بعدما كانت انتقلت الى حزب"كاديما". وقلل مراقبون من شأن استطلاعين للرأي اظهرا ان حزب شارون حافظ على شعبيته ولم يتأثر بمرض زعيمه، مشيرين الى ان الاستطلاعين اجريا في حال من عدم اليقين وفي ظل موجة من الشفقة والتعاطف مع شارون. في غضون ذلك، تلقى رئيس الحكومة بالوكالة ايهود أولمرت اشادة اميركية ودعماً اوروبياً. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك ان اولمرت"معروف جدا، ويحظى بالاحترام في ادارة الرئيس جورج بوش ... بالتأكيد سنعمل مع رئيس الوزراء الحالي ومع جميع الاعضاء الاخرين في الحكومة الاسرائيلية في جميع المواضيع التي ستناقش". وابدى الممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا دعماً اوروبياً مماثلاً"في هذه الاوقات الصعبة والمأسوية التي تمر فيها اسرائيل". ويُتوقع ان يشغل اولمرت منصب رئيس الحكومة حتى تشكيل ائتلاف حكومي جديد بعد الانتخابات الاسرائيلية في آذار مارس المقبل. ويرى معلقون اسرائيليون ان القضايا الاكثر إلحاحاً امام اولمرت في هذه المرحلة ستكون الوضع السياسي والامني في الاراضي الفلسطينية، في اشارة الى الانفلات الامني والانتخابات التشريعية، اضافة الى البرنامج النووي الايراني. اما على الصعيد الداخلي، فسيكون على اولمرت خوض المعركة الانتخابية ليبقى على رأس"كديما"والانتصار في الانتخابات من اجل البقاء رئيساً للحكومة. من جانبهم، بدأ الفلسطينيون باحصاء خسائرهم بغياب شارون الذي تعتبره شريحة منهم الامل الوحيد لحدوث انسحاب اسرائيلي من اجزاء واسعة في الضفة الغربية. وخابت التوقعات بحدوث حراك سياسي في العام الجديد يحل محل الجمود الحالي، بل سادت توقعات بدخول العملية السياسية في غيبوبة طويلة، وان تلجأ اسرائيل الى التصعيد العسكري في الاراضي الفلسطينية لاظهار تماسكها في غياب شارون. وسيكون على الولاياتالمتحدة، راعية عملية السلام، ان تقرر ما ستفعله في مرحلة ما بعد شارون الذي يترك غيابه الادارة الاميركية من دون شريك اسرائيلي فعلي لابرام اتفاقات مع الفلسطينيين، الامر الذي سينعكس على مستقبل عملية السلام. والسؤال المطروح الان هو ان كانت اميركا ستواصل بذل جهود لدفع مساعي السلام، وان كانت ستراهن على قيادة اسرائيلية جديدة لتنفيذ مشروع السلام، ام انها ستعمد الى الانكفاء الديبلوماسي وتسهيل الاجراءات الاسرائيلية الاحادية؟ ويرجح خبراء في شؤون الشرق الاوسط ان تنكفئ واشنطن في المدى القصير لرؤية كيف سيتطور الوضع. وكانت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ألغت امس رحلة لاندونيسيا واستراليا بسبب القلق على حالة شارون. وقال احد المسؤولين الذين أبلغوا بالقرار ان رايس لا"تريد ان تكون في مكان يبعد كثيرا عن اسرائيل في حالة وفاته".