أدت الحالة الصحية"الحرجة لكن المستقرة"لرئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون الذي وضعه الأطباء في غيبوبة مدة 24 ساعة بعد جراحة في الرأس استمرت حوالي 7 ساعات في مستشفى اسرائيلي لاصابته بنزيف حاد في الدماغ، الى حالة من الارباك والصدمة وعدم اليقين في الساحة الاسرائيلية، كما اثارت بلبلة في الساحة الفلسطينية التي تتخوف من فراغ سياسي في اسرائيل، في حين ابدت الاطراف الدولية قلقا على مصير عملية السلام. راجع ص 4 و5 ويتفق الجميع في اسرائيل ان مرض شارون ادى الى خلط الاوراق ووضع الساحة السياسية امام حقبة جديدة وتطورات لا يمكن التنبؤ بنتيجتها، ان كان لجهة التغيير الذي سيطرأ على الخريطة الحزبية بعد الانتخابات وهوية رئيس الحكومة المقبل، او لجهة انعكاسات ذلك على المنطقة والسياسات التي ستتبناها الحكومة المقبلة، خصوصا في العلاقة مع الفلسطينيين وعملية السلام. لكن المسألة الاكيدة من وجهة نظر المراقبين الاسرائيليين، هي ان انسحاب شارون سينعش الحملة الانتخابية، لان حزب"كديما"الذي يتزعمه والذي كان فوزه مضمونا في الانتخابات، هو حزب رجل واحد وسيتغير وضعه في غياب مؤسسه، ما قد يحول المعركة الانتخابية الى معركة"ثلاثية الرأس"تشمل مشاركة أقوى لحزبي"ليكود"و"العمل". مرض شارون اربك ايضا المؤسسة الفلسطينية، خصوصا ازاء الفراغ الذي سيخلفه وعدم اتضاح مصير مشروعه السياسي، فالسلطة كانت تترقب قيامه بعد الانتخابات في آذار مارس المقبل باستكمال الجزء الخاص بالضفة الغربية من مشروعه القائم على الانسحاب الاحادي الجانب، وهو مشروع يقوم على ضم الكتل الاستيطانية الكبرى والقدس وجعل الجدار حدودا سياسية مع الفلسطينيين، لكنه يعني ايضا اخلاء اجزاء واسعة من الضفة وتفكيك ما فيها من مستوطنات. ورغم قلق الفلسطينيين من خطوة شارون، الا ان بعضهم اعتبر انها سابقة يمكن البناء عليها في ظل غياب أفق آخر للتفاوض السياسي مع اسرائيل. في الوقت نفسه، ابدت السلطة استعدادها للتفاوض مع القيادة التي ستخلف شارون، وقال رئيس الحكومة احمد قريع ل"الحياة":"ما يهمنا هو ان تأتي قيادة تؤيد السلام ومستعدة للجلوس معنا للبدء في مفاوضات جادة وذات صدقية". اما كبير المفاوضين صائب عريقات فأبدى مخاوف من تصعيد ضد الفلسطينيين في اطار"المنافسة"المقبلة في اسرائيل. الا ان الاختلاف بين موقف الشارع والفصائل وبين الموقف الفلسطيني الرسمي بلغ حد التناقض. ورغم اتصال الرئيس محمود عباس هاتفيا بمكتب شارون للاطمئنان عليه، ودعوة قريع لرئيس الوزراء بالشفاء، الا ان الفلسطينيين لم يخفوا فرحتهم بمرض شارون، بل وزعوا الحلوى في رفح ابتهاجاً، كما ابدوا ارتياحا بهذا"الخلاص"الذي تم بما وصفوه"تدخلا إلهياً". وتذكروا"البلدوزر"والمجازر التي نفذها في حق ابائهم في صبرا وشاتيلا وقبية وفي قطاع غزة في السبعينات. اما الفصائل الفلسطينية، فاعتبرت ان العالم سيكون افضل حالا من دون شارون. ولاقى مرض شارون تعاطفا من زعماء العالم الذين"صلوا من اجل شفائه"، وفي الوقت نفسه ابدوا قلقا على مصير عملية السلام. وفيما وصف الرئيس جورج بوش شارون بأنه"رجل شجاعة وسلام"، قالت وزيرة الخارجية الاميركية كونداليزا رايس انه"شخصية عملاقة"، معربة عن ثقتها في ان الرغبة في احلال السلام موجودة بعمق في المجتمع الاسرائيلي. كذلك دعا الرئيس جاك شيراك الاسرائيليين الى"مواصلة المبادرات الشجاعة التي أطلقها شارون وتحظى بتأييد المجتمع الدولي". وأمل رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلسكوني بأن تتحقق رغبة شارون ب"رؤية دولة اسرائيل حرة وآمنة، وتناسب الشعب العربي ايضا". في مقابل ذلك، نقل عن الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد انه يأمل بموت شارون.