هل يا ترى هناك في المناطق الفلسطينية أو مصر أو المملكة السعودية أو سورية أو ضاحية بيروت الجنوبية، من يعرف اسم: سيغولين رويال؟ بالتأكيد أن شعوب هذه المنطقة العربية لم يسمعوا سوى القليل عن هذه السيدة التي قد تصبح الرئيسة المقبلة لفرنسا، فتخلف الرئيس جاك شيراك في نهاية ولايته في ربيع 2007. ويعتبر سفير دولة عربية مهمة عمل طويلاً في فرنسا، ان هذا البلد ما زال غير مستعد لتولي سيدة رئاسة جمهوريته، الا أن كل استطلاعات الرأي والصحافة والإعلام تشير الى العكس. فسيغولين رويال تشغل الإعلام الفرنسي ليلاً نهاراً، فهي ضيفة يومية على الأقنية التلفزيونية المختلفة، من القناة الأولى الى الثانية الى الثالثة، ويومياً حاضرة عبر الاذاعات الفرنسية ذات الأعداد المرتفعة من المستمعين من"فرانس انتير"الى"ار تي إل". وأقوالها وتصريحاتها وتنقلاتها وتعليقات منافسيها من حزبها الاشتراكي، تتصدر صباح كل يوم عناوين الصحف. فما هذا التطور الغريب الذي جعل سيدة اشتراكية تصبح خلال أشهر المرشحة المفضلة لمؤيدي اليسار الفرنسي وتحتل المرتبة الأولى في مختلف استطلاعات الرأي؟ ومن هي سيغولين رويال وهل لديها فعلاً حظوظ لأن تصبح رئيسة لفرنسا اذا فاز الحزب الاشتراكي على الحزب الحاكم"الاتحاد من أجل الحركة الشعبية"الذي يترأسه منافسها وزير الداخلية نيكولا ساركوزي. ولدت رويال في داكار، عاصمة السنغال سنة 1953، وكان والدها عسكرياً، ونشأت في عائلة مكونة من ثمانية أولاد. تخرجت من المدارس الفرنسية الكبرى أي كلية العلوم السياسية والمعهد الوطني للإدارة، على رغم ان والدها لم يهتم بتعليم بناته. وبدأت تعمل في فريق الحملة الانتخابية للرئيس الاشتراكي الراحل فرانسوا ميتران سنة 1981، ثم عملت الى جانبه مستشارة في الأمانة العامة للرئاسة سنة 1982. وفي سنة 1988 انتخبت نائبة وتولت سنة 1992 وزارة البيئة في حكومة الرئيس الراحل بيار بيريغوفوا، ثم تولت لاحقاً في حكومة ليونيل جوسبان منصب وزيرة مفوضة للتعليم المدرسي وفي سنة 2000 تولت منصب وزيرة مفوضة للأسرة والطفولة والمعاقين، وانتخبت في نيسان ابريل 2004 رئيسة المجلس الاقليمي لمنطقة بواتو شارانت. ورويال رفيقة عمر الأمين العام للحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند وأم أولادهما الأربعة، لكنها غير متزوجة منه. ويعد هولاند أيضاً من منافسيها على ترشيح الحزب الاشتراكي للرئاسة، لكنه، مثله مثل منافسيها الاشتراكيين الآخرين من الوزراء السابقين ومنهم دومينيك شتروس كان ورئيسي الوزراء السابقين لوران فابيوس وليونيل جوسبان، لا يتمتع سوى بقدر ضئيل من شعبيتها وفقاً لما تظهره الاستطلاعات. فما هو سر هذه السيدة وسر نجاحها في استقطاب الرأي العام اليساري الفرنسي؟ يمكن القول أولاً إنها اعتمدت نهجاً جديداً في مخاطبة الفرنسيين عبر موقع أقامته على الانترنت لمحاورة المواطنين مباشرة في شتى المواضيع. ثم انها تجرأت على الخوض في مواضيع تهم كل فرنسي، من الأمن الى حقوق العائلة ومكافحة البطالة، فانتقدت بعض اجراءات وزيرة العمل الاشتراكية السابقة مارتين أوبري التي كانت اعتمدت قانوناً سيئاً جداً يقضي بخفض عدد ساعات العمل الأسبوعية الى 35 ساعة. أما على الصعيد الدولي، خصوصاً في ما يخص المنطقة العربية وقضاياها ومصالح فرنسا فيها، فلا أحد يعرف بما تفكر به رويال على هذا الصعيد، لأنها لم تتناول هذه المواضيع. وتقول سفيرة الأردن لدى فرنسا دينا قعوار إن رويال التقت الملكة رانيا العبدالله عندما كانت وزيرة مفوضة للطفولة وتهتم بقضايا الأطفال ومكافحة العنف بحقهم، وأن رويال بدت واثقة من نفسها وكاريزماتية. لكن رويال غير معروفة في الوسط الديبلوماسي العربي عموماً، فيقول أحد الديبلوماسيين الاشتراكيين الفرنسيين المرموقين إن لديها فريقاً يحيط بها مطلعاً على القضايا العربية. والسؤال الآن هو ما إذا كانت شعبية رويال حقيقية أم أنها فقط تعبير عن ردة فعل من قبل شعب فرنسي يريد وجهاً جديداً لتولي السياسة العليا للبلاد؟