أغدق الطامحون الثلاثة للفوز بترشيح الحزب الاشتراكي الفرنسي لانتخابات الرئاسة في أيار مايو المقبل الوعود على الفرنسيين، خلال برنامج تلفزيوني، خصص لعرض تصور كل منهم لمعالجة المشكلات الاقتصادية والاجتماعية. فأجمع كل من رئيس الحكومة السابق لوران فابيوس، ووزير المال السابق دومينيك شتروس كان والنائبة سيغولين رويال، على ضرورة الالتزام بالخطوط العريضة التي يعتمدها الحزب على صعيد الاقتصاد، لكنهم اختلفوا حول رفع الحد الأدنى للأجور وعدد ساعات العمل الذي خفض في عهد رئيس الحكومة السابق ليونيل جوسبان الى 35 ساعة. وقدمت رويال مجدداً حصيلة سلبية لقانون خفض ساعات العمل، وأكدت معارضتها له باعتبار أنه أدى"الى تراجع على صعيد أوضاع بعض الفئات من العاملين"، مشيرة على سبيل المثال الى عمال المسالخ الذين باتوا مضطرين لرفع وتيرة عملهم، ونحر 150 حيواناً في اليوم بدلاً من مئة. وأشارت الى انها ليست ممن يكتفون بتكرار الكلام لاقناع أنفسهم بأن كل ما قاموا به كان جيداً، وإن ما من سياسة أياً كانت يمكن اعتبارها جيدة من كل الجوانب. واعترض فابيوس المقرّب من جوسبان، والطامح الى كسب تأييد انصاره داخل الحزب الاشتراكي، على هذا الطرح بالقول أنه"لا يسمح بأن يقال بأن قانون خفض ساعات العمل كان فاشلاً"، وتعهد في حال فوزه بالرئاسة بتعميم هذا القانون على كل المؤسسات بما فيها الصغيرة. وتجنب شتروس كان تحديد موقف مباشر من هذه المسألة واكتفى بالقول أن هذا الموضوع"أصبح وراءنا الآن"، لكنه أشار الى أن تطبيق قانون خفض ساعات العمل أدى الى انشاء حوالى مليوني فرصة عمل في فرنسا. وتباينت آراء المسترئسين الثلاثة مجدداً حول رفع الحد الأدنى للأجور الذي يريده الحزب الاشتراكي الى 1500 يورو بحلول سنة 2012، بدلاً من 1200 الآن. فتعهد فابيوس بالعمل غداة فوزه على رفعه بمعدل مئة يورو. وعلق شتروس كان على هذا الاقتراح بسخرية قائلاً ان هذا الأسلوب"يعود الى عهد نابوليون"، معتبراً أن أي تعديل للحد الأدنى يتطلب مفاوضات مع الشركاء الاجتماعيين أي أرباب العمل والنقابات. وأبدت رويال تمايزها عن اقتراح فابيوس، فحذرت من أن الزيادة الفورية التي يعد بها يمكن أن تكون عرضة للتآكل بصورة فورية ايضاً، عبر ارتفاع الأسعار، متعهدة باضفاء مزيد من الصدقية والدقة على صعيد الاحصاءات الرسمية المتعلقة بغلاء المعيشة، والتي تفوق عملياً الأرقام التي تنشر رسمياً. وبالنسبة لسوق العمل والنمو، انتقد فابيوس بشدة تدهور العلاقة"بين العمل ورأس المال الذي يسيطر على كل شيء"، وتعهد في مواجهة ذلك بتعزيز موقع الدولة في السوق، لاطلاق النمو ورفع مستوى القدرة الشرائية. وفيما أجاب شتروس كان على ذلك بالتأكيد على أهمية التفاوض وقول الحقيقة، وصولاً الى تسوية اجتماعية شاملة، اعتبرت رويال أن من بين وسائل اعادة اطلاق النمو، تعزيز موقع المناطق ودمجها بصورة أفضل في النسيج الانتاجي. وخلال البرنامج الذي استمر حوالى ساعتين، وقف كل من فابيوس ورويال وشتروس- كان وراء منصة، وأجابوا عن الاسئلة التي تطرح عليهم من دون أن يتوجه أي منهم مباشرة الى الآخر. وحالت هذه الصيغة دون حصول نقاش فعلي وأخذ ورد حول المواضيع المطروحة، ما اضفى على البرنامج نوعاً من الرتابة. وبدت رويال متماسكة وواثقة من نفسها الى جانب منافسيها، فخذلت المراهنين على امكان كشفها عن نقاط ضعفها بسبب تجربتها المحدودة التي تقتصر على منصب وزيرة مفوضة للأسرة في عهد الرئيس الراحل فرانسوا ميتران، مقارنة بالمناصب الرفيعة التي توالى على شغلها شتروس- كان وفابيوس.