يقدم تطبيق قرار ترشيد نشر صور النساء في عدد من المطبوعات العربية، فوائد كثيرة لعدد من الفنانين، ويؤثر سلباً على عدد آخر منهم، وعلى العاملين في لعبة التسويق الإعلامية، وهو يتماشى مع القول المأثور"مصائب قوم عند قوم فوائد". ففي ضوء ذلك، سترتفع اليوم أسهم الفنانين الرجال الذكور على الأغلفة وفي صفحات المجلات، بعد أن عانوا لفترات طويلة من جفاء في التعامل معهم من قبل تلك المطبوعات، وبعد أن كانت صور زينب العسكري ومشاعل الزنكوي وباسكال مشعلاني وناتالي معماري وغيرهن تسيطر على كل الأغلفة التي تزينت بالكحل وأحمر الشفاه. ومن الآن فصاعداً، ستنخفض أسهم أخرى لنجمات الأغلفة الشهيرات اللواتي برزن بما فيه الكفاية في الفترات السابقة، وجاء الدور على الآخرين كي يأخذوا حقهم في ظل التغييرات الجديدة. سنرى قريباً غلافاً لملحم بركات بعد ما نسينا ملامحه وسنستمتع بمشاهدة صور جديدة لراشد الماجد ومحمد عبده ووديع الصافي ولطفي بوشناق. دارت الأيام بدوائرها على عهد السيقان والظفائر والكحل، واستبدلتها العدسات بالكرافتة والعقال وربما الشروال. من دون شك هناك متضررون كثر من هذا الوضع أولهم المزينون ومصففو الشعر. فمن غير المحتمل أن يجتهدوا ليضعوا شكلاً جديداً وصرعة غير مسبوقة على وجه الفنان راشد الفارس أو عباس إبراهيم، ولن يتفننوا في تسريحة شعر فيصل علوي مطرب يمني ولن يضيفوا لمسة على شعر رابح صقر. القرار سيشمل أيضاً المصورين، ستقلّ مداخيلهم وستضيق بهم الحياة، إذ من الصعب أن يأخذ مثلاً المصور ميكي راحته في التقاط صور لعبادي الجوهر لأن أخطبوط العود متفرغ لإبداعه، وهو لا يحب التصوير من الأساس. ومن غير الممكن أن يقف الفنان الكبير أبو بكر سالم أمام عدسة دافيد عبدالله لأربع أو خمس ساعات من أجل التقاط لقطة مختلفة. ومن غير المتوقع أيضاً أن يتسمر الفنان عبدالكريم عبدالقادر أمام كاميرا وفلاش عادل الفارسي لأخذ لقطة مجنونة... ومن المستبعد أن يحتمل ملحم بركات وهو المعروف بعدم صبره طلبات المصورين لتصويره. الآن في إمكان المطربين أن يأخذوا مقابلاً من المطبوعات التي ظلمت حقهم الإعلامي سنوات وسنوات، وهم يذكرون بالخير كل من كان له دور في هذا القرار الترشيدي الراهن. من ناحية ثانية، سيحمل هذا القرار إيجابيات كثيرة على كل المطبوعات القوية التي تمتلك استراتيجية إعلامية مبنية على أسس سليمة، وتمتلك مفكرين في إمكانهم أن يطرحوا البدائل عوض اللطم على الخدود وشق الجيوب ووضع صور الفنانات في مستودعاتهم التي يعلوها الغبار والصدأ وتتكاثر عليها الصراصير. ويبقى الوضع سلبياً فقط على المطبوعات المحدودة الرؤية التي قد تنهار سريعاً. وأنا على يقين أن الوضع حتى لو طال أو قصر سيضعف كل المجلات التي سوقت في شكل سيئ لأنوثة الفنانات من غير وعي ومن غير فكر... وتوقفت عبقريتهم عند صورة لفنانة معينة وهي جالسة وهي واقفة وهي منبطحة... وغيرها من المشاهد التي يظنون أنها تسوّق لمطبوعاتهم حتى لو كان على حساب الوعي والفن والفكر. لن نقول وداعاً للأنوثة، لأن في ذلك شماتة غير نبيلة... لكننا سنقول مرحباً بالرجولة في مجلاتنا!