هل تتجه أزمة البرنامج النووي الإيراني نحو الانفراج؟ صديقي وزير الخارجية الخليجي الذي اعتدت تبادل المعلومات والأفكار معه أبدى تفاؤلاً مشوباً بالحذر، كما يقول الصحافيون الفصحاء أو الحذرون. الدول الست، أي الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، قدمت الى ايران سلة من الحوافز ليس من السهل رفضها، والرئيس محمود احمدي نجاد قال ان العرض خطوة في الاتجاه الصحيح، وإن حكومته ستدرسه بجدية قبل الرد. أتوقع ان يكون الرد مزيداً من المساومة، فالبازار، او عقلية البازار، اختراع ايراني، وإذا شعر الإيرانيون بأنهم يستطيعون تحقيق المزيد فسيحاولون، وهذا حقهم. وفي جميع الأحوال، لا يمكن عزل الموقف الإيجابي للرئيس احمدي نجاد عن المكان الذي أعلن فيه، فالرئيس الإيراني كان يتحدث على هامش اجتماع منظمة التعاون في شنغهاي، حيث الصين هي الدولة المضيفة، وروسيا عضو مؤسس. وقد حثّ البلدان ايران على قبول العرض، وهذه عضو مراقب في منظمة شنغهاي، وتريد ان تصبح عضواً اصيلاً، فإيران تعتبر المنظمة منافساً محتملاً لحلف الناتو، وفي حين ان الصين تتجنب مثل هذا الكلام حتى لا تقلق الولاياتالمتحدة، فإن الرئيس احمدي نجاد، بصراحته المعروفة، لمّح الى طموحات مجموعة شنغهاي في مؤتمره الصحافي هناك، وقال انها اذا ضمت الأعضاء المراقبين فستمثل نصف شعوب الأرض، أي ما يزيد كثيراً على الناتو. اجتماع شنغهاي تزامن مع اجتماع القادة الأوروبيين في بروكسيل، وهم ايضاً حثوا ايران على قبول سلة الحوافز، ولا بد من ان هذا موقف الدكتور محمد البرادعي ووكالة الطاقة الذرية الدولية، فهو دعا دائماً الى الحوار الهادئ خصوصاً عندما كانت الولاياتالمتحدة تهدّد بعمل عسكري، والرئيس بوش يُسأل عن ضربة نووية تكتيكية فيقول:"كل الخيارات على الطاولة". لا أعتقد بأن الرئيس بوش أصغى لنصح أخينا محمد البرادعي، إلا انه يبدو أقرب باستمرار الى وزيرة خارجيته الدكتورة كوندوليزا رايس، وهذه تمارس واقعية سياسية تذكّر مراقبيها بأنها تلميذة برنت سكوكروفت، مستشار الأمن القومي في إدارة جورج بوش الأب. في نهاية الأسبوع قرأت مقالاً في"الصنداي تايمز"كتبه اندرو سوليفان، خبير الشؤون الأميركية، لفتني إليه عنوانه، فقد كان"كوندي تتقدم بهدوء ضد رعاة البقر"، والكاوبوي في المقال اثنان هما نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد. ومع ان الكاتب لا يقول انهما هزما، بل يرجح ان يستمرا في تطرفهما، فهو يسجل ان كوندوليزا رايس هي الأقرب الى الرئيس وزوجته لورا، وأنها معهما باستمرار في كامب ديفيد، وعلى اتصال يومي به مرات عدة. وهي مالت بقوة الى التفاوض مخترقة حوالى 30 سنة من المقاطعة الأميركية لأي اتصال مباشر مع ايران، في انقلاب يمكن ايضاً اعتبار رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والمستشارة الألماني انغيلا مركل بين الذين عملوا له، وأقنعوا به الدكتورة رايس. وزير الخارجية الخليجي سجل كل ما سبق من تطورات، غير انه أبدى خشيته من ان يكون الموقف الإيراني الحالي استمراراً لمواقف سابقة، فالإيرانيون يفاوضون ويماطلون ويؤجلون فيما هم ماضون في برنامجهم النووي. الرئيس احمدي نجاد اكد في شنغهاي مرة اخرى ان البرنامج هو للأغراض السلمية، غير أنني أرجح ان ايران تسعى الى امتلاك قنبلة نووية يستوي في ذلك"المتطرف"احمدي نجاد وپ"المعتدل"محمد خاتمي، فامتلاك القنبلة مسألة كبرياء قومي. أتفق مع الوزير الصديق على هذه النقطة تحديداً، فهو يقول ايضاً إن البرنامج الإيراني لا بد من ان يكون لامتلاك سلاح نووي، فإيران لا تحتاج الى طاقة نووية سلمية، وهي فوق بحيرة من الغاز والنفط، ثم"اننا لم نسمع انها استهلكت احتمالات الطاقة البديلة الأخرى، الأقل خطراً على البيئة وغيرها، قبل ان تتحول الى الطاقة النووية، مثل الرياح والسدود والأنهار والطاقة الشمسية المتوافرة لها بسهولة". الوزير يدرك ايضاً ان امتلاك ايران قنبلة نووية سيطلق سباق تسلح نووي بين دول الشرق الأوسط هو آخر ما تحتاج إليه شعوب المنطقة. وأتفق مع الوزير على خطر مثل هذا السباق، كما اننا متفقان على ان الوضع الأفضل هو ان يكون الشرق الأوسط منطقة مجردة من الأسلحة النووية، ولو عملت الولاياتالمتحدة لهذا الهدف، لسرت وراءها لمرة نادرة في حياتي المهنية. غير ان موقفي الشخصي بعد ذلك هو انه اذا بقيت اسرائيل دولة نووية وحيدة في المنطقة، فإن من حق ايران، بل واجبها وواجب كل دولة في الجوار ان تسعى الى امتلاك اسلحة نووية للوقوف في وجه التهديد الإسرائيلي. اما دول الخليج فتريد وقف أي برنامج نووي عسكري ايراني حتى لو بقيت اسرائيل بترسانتها النووية. ولا أزيد من منطلق موقفي هذا سوى انني كنت أتمنى على الرئيس أحمدي نجاد ان يبذل جهداً شخصياً لطمأنة جارات ايران في الخليج الى نيات حكومته، فهو يسافر حول العالم، ويصرح في شنغهاي، إلا انني لم أسمع انه زار عاصمة خليجية، وتحدث فيها عن وحدة المصير والتاريخ والجغرافيا وما الى ذلك، ليكسب شعبها وشعوب المنطقة الى جانب بلاده كما يجب. جهاد الخازنهل تتجه أزمة البرنامج النووي الإيراني نحو الانفراج؟ صديقي وزير الخارجية الخليجي الذي اعتدت تبادل المعلومات والأفكار معه أبدى تفاؤلاً مشوباً بالحذر، كما يقول الصحافيون الفصحاء أو الحذرون. الدول الست، أي الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، قدمت الى ايران سلة من الحوافز ليس من السهل رفضها، والرئيس محمود احمدي نجاد قال ان العرض خطوة في الاتجاه الصحيح، وإن حكومته ستدرسه بجدية قبل الرد. أتوقع ان يكون الرد مزيداً من المساومة، فالبازار، او عقلية البازار، اختراع ايراني، وإذا شعر الإيرانيون بأنهم يستطيعون تحقيق المزيد فسيحاولون، وهذا حقهم. وفي جميع الأحوال، لا يمكن عزل الموقف الإيجابي للرئيس احمدي نجاد عن المكان الذي أعلن فيه، فالرئيس الإيراني كان يتحدث على هامش اجتماع منظمة التعاون في شنغهاي، حيث الصين هي الدولة المضيفة، وروسيا عضو مؤسس. وقد حثّ البلدان ايران على قبول العرض، وهذه عضو مراقب في منظمة شنغهاي، وتريد ان تصبح عضواً اصيلاً، فإيران تعتبر المنظمة منافساً محتملاً لحلف الناتو، وفي حين ان الصين تتجنب مثل هذا الكلام حتى لا تقلق الولاياتالمتحدة، فإن الرئيس احمدي نجاد، بصراحته المعروفة، لمّح الى طموحات مجموعة شنغهاي في مؤتمره الصحافي هناك، وقال انها اذا ضمت الأعضاء المراقبين فستمثل نصف شعوب الأرض، أي ما يزيد كثيراً على الناتو. اجتماع شنغهاي تزامن مع اجتماع القادة الأوروبيين في بروكسيل، وهم ايضاً حثوا ايران على قبول سلة الحوافز، ولا بد من ان هذا موقف الدكتور محمد البرادعي ووكالة الطاقة الذرية الدولية، فهو دعا دائماً الى الحوار الهادئ خصوصاً عندما كانت الولاياتالمتحدة تهدّد بعمل عسكري، والرئيس بوش يُسأل عن ضربة نووية تكتيكية فيقول:"كل الخيارات على الطاولة". لا أعتقد بأن الرئيس بوش أصغى لنصح أخينا محمد البرادعي، إلا انه يبدو أقرب باستمرار الى وزيرة خارجيته الدكتورة كوندوليزا رايس، وهذه تمارس واقعية سياسية تذكّر مراقبيها بأنها تلميذة برنت سكوكروفت، مستشار الأمن القومي في إدارة جورج بوش الأب. في نهاية الأسبوع قرأت مقالاً في"الصنداي تايمز"كتبه اندرو سوليفان، خبير الشؤون الأميركية، لفتني إليه عنوانه، فقد كان"كوندي تتقدم بهدوء ضد رعاة البقر"، والكاوبوي في المقال اثنان هما نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد. ومع ان الكاتب لا يقول انهما هزما، بل يرجح ان يستمرا في تطرفهما، فهو يسجل ان كوندوليزا رايس هي الأقرب الى الرئيس وزوجته لورا، وأنها معهما باستمرار في كامب ديفيد، وعلى اتصال يومي به مرات عدة. وهي مالت بقوة الى التفاوض مخترقة حوالى 30 سنة من المقاطعة الأميركية لأي اتصال مباشر مع ايران، في انقلاب يمكن ايضاً اعتبار رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والمستشارة الألماني انغيلا مركل بين الذين عملوا له، وأقنعوا به الدكتورة رايس. وزير الخارجية الخليجي سجل كل ما سبق من تطورات، غير انه أبدى خشيته من ان يكون الموقف الإيراني الحالي استمراراً لمواقف سابقة، فالإيرانيون يفاوضون ويماطلون ويؤجلون فيما هم ماضون في برنامجهم النووي. الرئيس احمدي نجاد اكد في شنغهاي مرة اخرى ان البرنامج هو للأغراض السلمية، غير أنني أرجح ان ايران تسعى الى امتلاك قنبلة نووية يستوي في ذلك"المتطرف"احمدي نجاد وپ"المعتدل"محمد خاتمي، فامتلاك القنبلة مسألة كبرياء قومي. أتفق مع الوزير الصديق على هذه النقطة تحديداً، فهو يقول ايضاً إن البرنامج الإيراني لا بد من ان يكون لامتلاك سلاح نووي، فإيران لا تحتاج الى طاقة نووية سلمية، وهي فوق بحيرة من الغاز والنفط، ثم"اننا لم نسمع انها استهلكت احتمالات الطاقة البديلة الأخرى، الأقل خطراً على البيئة وغيرها، قبل ان تتحول الى الطاقة النووية، مثل الرياح والسدود والأنهار والطاقة الشمسية المتوافرة لها بسهولة". الوزير يدرك ايضاً ان امتلاك ايران قنبلة نووية سيطلق سباق تسلح نووي بين دول الشرق الأوسط هو آخر ما تحتاج إليه شعوب المنطقة. وأتفق مع الوزير على خطر مثل هذا السباق، كما اننا متفقان على ان الوضع الأفضل هو ان يكون الشرق الأوسط منطقة مجردة من الأسلحة النووية، ولو عملت الولاياتالمتحدة لهذا الهدف، لسرت وراءها لمرة نادرة في حياتي المهنية. غير ان موقفي الشخصي بعد ذلك هو انه اذا بقيت اسرائيل دولة نووية وحيدة في المنطقة، فإن من حق ايران، بل واجبها وواجب كل دولة في الجوار ان تسعى الى امتلاك اسلحة نووية للوقوف في وجه التهديد الإسرائيلي. اما دول الخليج فتريد وقف أي برنامج نووي عسكري ايراني حتى لو بقيت اسرائيل بترسانتها النووية. ولا أزيد من منطلق موقفي هذا سوى انني كنت أتمنى على الرئيس أحمدي نجاد ان يبذل جهداً شخصياً لطمأنة جارات ايران في الخليج الى نيات حكومته، فهو يسافر حول العالم، ويصرح في شنغهاي، إلا انني لم أسمع انه زار عاصمة خليجية، وتحدث فيها عن وحدة المصير والتاريخ والجغرافيا وما الى ذلك، ليكسب شعبها وشعوب المنطقة الى جانب بلاده كما يجب.