تصاعدت حدة التوتر الداخلي في قطاع غزة أمس في اعقاب مقتل ضابط في الأمن الوقائي ووقوع اشتباكات مسلحة بين عناصر من حركة"فتح"والأمن الوقائي مع عناصر من حركة"حماس"والقوة التنفيذية التي شكلتها وزارة الداخلية والأمن الوطني أخيراً. وجاءت الاشتباكات غداة قتل قوات الاحتلال الاسرائيلي 14 فلسطينياً، من بينهم سبعة افراد من عائلة واحدة. في غضون ذلك، تداعت الحكومة والفصائل الفلسطينية الى عقد اجتماع طارئ لبحث التطورات الميدانية والتصعيد العسكري الاسرائيلي الخطير وسبل الرد عليه، كذلك الاستفتاء الذي أعلن الرئيس محمود عباس عصر أمس السادس والعشرين من الشهر المقبل موعداً لتنظيمه حول وثيقة الاسرى. وبدا المشهد سريالياً في القطاع أمس، فمن ناحية انضمت حركة"حماس"الى بقية الفصائل المسلحة ومن ضمنها حركة"فتح"في التصدي للاعتداءات الاسرائيلية على الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. ومن ناحية أخرى، تنازعت الحركتان واصطدمتا في عدد من شوارع مدينة غزة، ودارت اشتباكات مسلحة بين عناصر من الأمن الوقائي والقوة التنفيذية اصيب خلالها مرافقان لمدير الأمن الداخلي العميد رشيد أبو شباك عضو المجلس الثوري لحركة"فتح". وعلى جبهة الصراع مع الاحتلال، اطلقت"كتائب القسام"الذراع العسكرية لحركة"حماس"سبعة صواريخ دفعة واحدة على اهداف اسرائيلية. وجاءت الصواريخ السبعة بمثابة اعلان رسمي من الحركة عن انهائها تهدئة مع اسرائيل بدأت في مطلع العام الماضي. وباطلاق هذه الصواريخ التي تبعها اطلاق الحركة قذائف هاون على أهداف اسرائيلية اخرى، تكون حركة"حماس"الفصيل الأخير الذي يعلن انتهاء الهدنة، بعدما اعلنت الفصائل الاخرى انتهاءها مع نهاية العام الماضي، وهو الموعد الذي انتهت معه الهدنة حسبما ورد في اعلان القاهرة. ورحبت الفصائل الأخرى، بما فيها حركة"فتح"بعودة حركة"حماس"الى مربع مقاومة الاحتلال بعد نحو خمسة أشهر على فوزها الساحق في الانتخابات التشريعية وتشكيلها الحكومة قبل ثلاثة أشهر. لكن حركة"فتح"اعربت عن أملها في ان لا يكون هذا الاعلان من جانب"حماس""مجرد دعاية اعلامية". ومع ذلك، فان النائب في المجلس التشريعي عن حركة"حماس"مشير المصري اكد ل"الحياة"ان"الحركة تقف مع مصالح شعبها، فأينما وجدت هذه المصلحة تكون الحركة". ورداً على سؤال ل"الحياة"عن الهدنة، اعتبر المصري ان الهدنة انتهت مع نهاية العام الماضي. واكدت"كتائب القسام"في بيان لها ان ردها"المزلزل سيكون في قلب الكيان الصهيوني". في غضون ذلك، شيع آلاف الفلسطينيين وسط مشاعر الحزن والغضب والدعوة للثار والانتقام شهداء المجزرة البشعة التي راح ضحيتها سبعة من عائلة غالية من بلدة بيت لاهيا شمال القطاع هم: علي غالية 45عاما، ورئيفة غالية 26عاما وعلية غالية 25عاما والاطفال الهام 7 أعوام وصابرين 3 أعوام، وهنادي عامان وهيثم عام واحد. ونجا من هذه المجزرة البشعة، التي طالبت جهات فلسطينية بنقل ملفها الى محكمة العدل الدولية في لاهاي، الطفلة هديل 8 اعوام. وكانت هديل ظهرت في مشاهد تلفزيونية صورها مصور وكالة أنباء"رامتان"زكريا أبو هربيد وهي تبكي وتصرخ بأعلى صوتها على والدها وامها واشقائها الذين مزقت أجسادهم قذيفة أطلقتها بارجة حربية اسرائيلية من داخل البحر، فيما كانوا جميعاً يستجمون على الشاطئ هرباً من الحر الشديد وجحيم الاقتتال الداخلي. ولم تتمكن الطفلة المصدومة والمفجوعة من الحديث الى"الحياة"امس وهي تستعد لالقاء نظرة الوداع الاخيرة على جثامين أفراد اسرتها. وبدت الطفلة في حال يرثى لها. وكانت الطفلة هديل في الماء عندما قتلت القذيفة أفراد اسرتها بمن فيهم والدها الذي ما أن رأت جثته حتى ابتعدت قليلاً وهي تبكي وتصرخ قبل ان تلقي بنفسها على رمال الشاطئ وهي تنتحب. وبكي الفلسطينيون بمرارة، وسالت دموعهم ساخنة وهم يشاهدون مرة تلو الاخرى على شاشات التلفزة هديل وهي تبكي أسرتها وتندب حظها ومستقبلها المجهول. وقال عشرات الفلسطينيين ل"الحياة"انهم بكوا كلما شاهدوا تلك المشاهد التي أعادت الى الاذهان المشهد الذي جاء ايذاناً بانطلاق انتفاضة الاقصى، عندما ظهر الطفل محمد الدرة وهو يصرخ ويبكي فيما الرصاص الاسرائيلي ينهمر عليه ولا يحميه حضن والده الذي ارتمى فيه. وقال أبو هربيد ل"الحياة"انه لم يعد يستطيع ان يشاهد الصور التي التقطها بعدسة آلة تصويره للطفلة هديل. واضاف انه قرر أن يقدم أفضل مساعدة للطفلة بنقل صورها وقصتها ومأساتها للعالم اجمع"كي يرى فظاعة جرائم الاحتلال الاسرائيلي في حقها وحق أسرتها". الى ذلك، اعلن رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية تبنيه الطفلة هديل بحسب ما اعلن الناطق باسم الحكومة غازي حمد. كما اعلن حمد ان الحكومة طالبت بتشكيل لجنة تحقيق دولية في جريمة قتل افراد عائلة غالية. وقال حمد ان"الحكومة بصدد اجراء اتصالات مع مجلس الامن الدولي وعدد من الدول من اجل تشكيل لجنة تحقيق دولية في المجزرة التي راح ضحيتها سبعة افراد من عائلة واحدة".