كان تصريح الدكتورة رتيبة الحفني، رئيسة المجمع العربي للموسيقى والغناء، مستفزاً عندما أكدت عبر الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء، أن نانسي عجرم وهيفا وهبي"لا تنتميان إلى مدرسة الفن، لذا وجب علينا معاملتهما كمجرمتين بحق الجمهور لا كفنانتين". يبدو أن الدكتورة ومجمعها ومحاضريها ومنظريها وجوقتها كلهم ما زالوا يعيشون في أبراج تاريخية، وما زال هؤلاء يقفون على أطلال أصوات انتقل بعضها إلى رحمة الله، وبقي بعضها الآخر متمسكاً حتى الرمق الأخير بشيء من فنه، علماً أن أغاني بعضهم ما زالت تسجل حضوراً لا يمكن لأي عاقل أن ينكره. لكن في إمكان هذا العاقل أن يدرك عدم أحقية الدكتورة رتيبة ومجمعها الموقر في مصادرة رأي وجيل جديد تعلق بنانسي وأعجب بهيفا. وليست للدكتورة القوة والصلاحية أن تمنع هذه الأصوات لأن تقدم تجربتها بمنتهى الحرية، وتترك الناس والجمهور الحكم للأول والأخير. لذا، وبكل قناعة، ليس للمجمع الموسيقي حق الوصاية على أذواق هذا الجيل. فلكل جيل مطربوه ولكل مرحلة أصواتها مع التقدير والإجلال لكل الأصوات التي ذهبت والتي لا يمكن لأي أحد أن ينكر دورها. لكن لا يمكن أن نلغي نانسي وهيفا واليسا وأمل بل وحتى رولا سعد وكل الأجيال الغنائية الجديدة، سواء رجالية أو نسائية، على رغم تركيز الدكتورة على صوتين نسائيين فقط. الواضح أن المجمع لا يملك إلا التصريحات والبيانات والاتهامات. فيما نرى نانسي تصور كليبها الخامس وتبث أغنيتها"أطبطب"على كل القنوات الفضائية وتمارس دلعها على كل وسائل الإعلام وتختارها شركات المشروبات العالمية وجهاً دعائياً لتسويق منتجاتها بحكم شعبيتها. وفي وقت تنتشر أغنية هيفا الطفولية الجديدة على محطات ال"أف أم"والجوالات ومواقع الإنترنت، ما زالت دكتورة رتيبة تعيش على أمجاد الكبار، وكأن الصغار لا يحق لهم أن يكبروا أو أن يأخذوا فرصتهم في مجال الفن والغناء. إنها أجيال يا دكتورة... إنها سنّة الكون ... تصديقاً للقول المأثور الذي تبدل، رضينا أم لم نرض،"لكل زمان آذان وأصوات". سؤال جدي أخير: هل للمجمع العربي القدرة الحقيقية على الصمود في وجه الموجة الجديدة، وهل لديه البدائل المدعومة مالياً وفنياً وإعلامياً حتى تحل محل نانسي وهيفا؟ والسؤال الأهم هو: هل لدى المجمع القدرة على إقناع ملايين الأطفال الذين تعلقوا بنانسي وآلاف الفتيات اللواتي أحببن طفولتها وغنجها بأن"يتوبوا"عن هذا"الإعحاب الخاطئ"، وهل لديهم مندوبون كي يقوموا بنزع صور هيفا وهبي من كل وسائل الإعلام والشوارع والمواقع؟