النساء هن الأمل الوحيد المُتبقي للإنسانية في كسر الانتشار الذريع لوباء الإيدز. وتقع المسؤولية في التفشي الواسع لفيروس المرض القاتل على الرجال في شكل أساسي! وللجم موجة الإيدز التي لم تتوقف عن التعاظم منذ عقدين، ينبغي إعطاء نساء العالم المزيد من القوة في المجتمع والثقافة والأسرة، وخصوصاً المزيد من المشاركة في القرارات المتعلقة بأجسادهن وبالعلاقات الجنسية عموماً. تلك هي الخلاصة التي توصل اليها الدكتور بيتر بايوت، المدير التنفيذي ل"برنامج الأممالمتحدة لمكافحة الإيدز"الذي يعتبر من أقوى المؤسسات الدولية التي تكافح المرض. وجاء حديث بايوت عشية افتتاح اجتماع وزاري متخصص في نيويورك، بهدف مناقشة التقرير السنوي للأمم المتحدة عن الإيدز. ويتوقع ان يحمل التقرير نبرة التشاؤم نفسها التي حملتها التقارير السابقة، على رغم ظهور بعض المؤشرات الإيجابية، وخصوصاً استقرار معدل انتشار الإيدز في بلدان كثيرة. ومثلاً، لا يبدو الحديث المتشائم لبايوت غريباً إذا أخذنا في الاعتبار انتشار الإيدز في آسيا، وخصوصاً روسيا والصين ودول شرق أوروبا والهند والفيليبين، وان ثمة خيطاً"نسائياً"وسلبياً يربط بين تلك البلدان. والحال ان بايوت عمل سنوات طويلة، باعتباره مسؤولاً عن برنامج الإيدز في روسيا والدول التي ألّفت ما كان يُسمى ب"الاتحاد السوفياتي". والمعلوم ان التغيير الاجتماعي الكبير في تلك الدول، وخصوصاً اندراجها في العولمة بطريقة لم تخل من التخبط، ساهم في جلب مآس عدة للنساء فيها. ولم يكن غريباً ان يرفع بايوت، حينها، الصوت مُحذراً من انتشار انفجاري للإيدز في بلاد انتشرت فيها بغتة التجارة بالنساء وأجسادهن، كالحال في روسيا وأوكرانيا مثلاً، والتي تُسميها منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم"العبودية المعاصرة". وفي السياق نفسه، تحدث بايوت الى وسائل الإعلام أخيراً، مبدياً قناعته بأن عدم قدرة النساء على التحكم بأجسادهن، بالمعنى السابق، أصبح العامل الأساس في زيادة انتشار الإيدز بينهن، بحيث تساوى انتشاره بين الجنسين في آسيا، إضافة الى انهن ينقلن، مُرغمات، الفيروس القاتل الى أطفالهن. وبذا بتن"الحلقة المفقودة"في برامج الوقاية من الايدز. ويقدر عدد حاملي فيروس"اتش اي في"المُسبب للايدز، عالمياً بنحو 40 مليوناً، بينهم نحو 17 مليون سيدة 13 مليوناً منهن افريقيات. وتسبب الايدز في وفاة 2.8 مليون شخص العام 2005. ويتوقع ان يصل عدد الوفيات بسبب فيروس الايدز ومرضه، في الدول الستين الأكثر معاناة من انتشاره، الى نحو 115 مليوناً. وبسبب ذلك الفيروس، تبقى معدلات الحياة في منطقة جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى، وهي المنطقة التي تشهد أعلى نسبة انتشار لفيروس"اتش اي في"أقل من المعدل العالمي بنحو 17 سنة. وتعيش النساء اقل من الرجال بكثير في اربع دول أفريقية مبتلاة بالايدز. ويناط بالنساء الرعاية بجيش من ملايين اليتامى، يمثلون 9 في المئة من الأطفال في أفريقيا. وبفعل تضافر تلك الامور، إضافة الى عوامل أُخرى، تتدنى قدرة كثير من دول العالم الثالث على تحقيق أهدافها في التنمية، وتتضاءل آمالها في الخروج من التخلف.