يعطي اجتماع منظمة"أوبك"الاستثنائي في كراكاس غداً الخميس فرصة ذهبية جديدة للرئيس الفنزويلي هوغو شافيز لتحدي إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش. وشافيز الذي يكرم ضيوفه الأعضاء في"أوبك"سيحرص على دعم قضية ايران النووية في مواجهة الإدارة الأميركية. وهو بالتأكيد مرتاح للمستوى المرتفع لأسعار النفط، اذ أن بلده ينتج 3 ملايين برميل من النفط في اليوم، ويواجه حاجة ملحة لعائدات نفطية مرتفعة، خصوصاً أن عدد سكان فنزويلا يفوق 26 مليون نسمة، والفقر والبؤس مرتفعان فيها. لكن شافيز انفق أموالاً باهظة على تمويل جيرانه ومساعدتهم، من دون أن يحسن أوضاع بلاده. وبين الشافيزية والقذافية نقاط مشتركة عدة، مع فارق ان الرئيس الفنزويلي انتخب ديموقراطياً وشعبه أكثر عدداً بكثير من عدد سكان ليبيا. وعلى غرار القذافي في أيام مواجهته مع الولاياتالمتحدة، فإنه يحب الخطابات الفضفاضة، ومعروف عنه انه يدلي بأحاديث تلفزيونية لمدة ثلاث أو أربع ساعات بلا انقطاع. تعتبر غالبية وزراء"أوبك"ان فنزويلا شافيز جيدة في تنسيقها مع المنظمة، ففي فترة سابقة عند ضعف الطلب على النفط التزمت فنزويلا حصتها الانتاجية، في حين ان ادارة الرئيس الفنزويلي السابق كانت تعطل أعمال"أوبك"لأنها كانت تنتج بأقصى طاقتها. وكان وزير النفط الفنزويلي في الادارة التي سبقت ادارة شافيز يلوح بأن فنزويلا تفكر في ترك"أوبك"وأن لا حاجة لها بالمنظمة. أما شافيز فهو مدرك أهمية المنظمة في الدفاع عن مصالح الدول الأعضاء والحفاظ على مستوى أسعار مستقرة، وهذه بلغت الآن 70 دولار أو أكثر للبرميل. لكن لسوء الحظ فإن مستوى الفقر مرتفع جداً في هذا البلد، كما ان مستوى الجرائم والسرقات أيضاً مرتفع جداً. فعندما تصل الى كراكاس، تكون النصيحة الأولى، عدم التجول ليلاً في شوارع المدينة، لأن مافيات الجريمة والسرقة ينشطون فيها، والدولة غير مسيطرة عليهم. ألم يقتل أخيراً الأشقاء الثلاثة اللبنانيين الكنديين في جريمة مروعة هزت فنزويلا ولبنان، بدافع السرقة. وشافيز الثوري الذي بخلاف معمر القذافي وقبول كاسترو انتخبه أبناء شعبه، ومنهم الفقراء وهم غالبية كاسحة، لم يحسن أوضاع ناخبيه. صحيح أن عائدات النفط خير على شعوب عندها مثل هذا الكنز في حقولها، وبحارها، لكن هذا الكنز غالباً ما لا يستخدم في دول مثل فنزويلاونيجيريا وليبيا، لمصلحة الشعب، بل تهدر عبر فساد لا مثيل له كما في نيجيريا أو لثورة جماهيرية فشلت كلياً على صعيد المجتمع كما في ليبيا. تكمن شعبية شافيز في أسلوبه في مخاطبة الفقراء، وهو يقف في وجه الجار الأميركي رافضاً هيمنته على أميركا اللاتينية. في الوقت نفسه تعتمد الولاياتالمتحدة بشكل كبير على نفط فنزويلا التي تعد الى جانب المكسيك أكبر مصدري النفط اليها. وقد هدد شافيز مراراً بقطع امداداته عن الولاياتالمتحدة، إلا أنه غير قادر على ذلك بالفعل لأن فنزويلا تملك مصافي عدة على الأراضي الأميركية ولا يمكنها توقيفها لأن ذلك سيؤثر أولاً عليها. ويتوقع مؤتمر"أوبك"في افتتاحه خطاباً فضفاضاً من شافيز خطابا فضفاضاً، علماً أن المؤتمر ذاته سيكون قصيراً جداً لأن ليس هناك أي قرار جديد تتخذه المنظمة التي أرادت فقط تلبية دعوة الرئيس الفنزويلي لعقد مؤتمرها في كراكاس. وتستضيف نيجيريا في كانون الأول ديسمبر المقبل المؤتمر الاستثنائي السنوي ل"اوبك"وقد أصرت على ذلك على رغم انها تعاني بدورها من أوضاع أمنية واجتماعية بائسة. ويرغب رؤساء هذه الدول في استضافة مثل هذه المؤتمرات نظراً الى التغطية التي تحظى بها من جانب الصحافة العالمية، فتصبح محط أنظار العالم، بسبب أهمية الحدث، فالنفط والمال يجذبان الإعلام. لكن هذا الأمر يشكل سيفاً ذا حدين، لأن هذه الدول تعطي ايضاً الإعلام الدولي فرصة لتصوير مآسي شعوب بلدان غنية تعاني من فقر وبؤس وفساد تتزايد يوماً بعد يوم.