بضربة واحدة تضاعف عدد العرب الفائزين بالجوائز الكبرى في مهرجان كان على مدى تاريخه: اربعة فازوا في الحفلة الختامية للدورة 59، هم مجموع ممثلي فيلم"الافارقة الفرنسيون"لرشيد بوشارب. ولم يكتفوا بالفوز بل أضفوا بلسان جمال دبوس، حيوية مدهشة على حفلة كانت تتثاءب لدورة تثاءبت كثيراً. اربعة ممثلين من اصل عربي وزملاء فرنسيون لهم، إذاً، حلقوا على شاشة العالم في فيلم كان متوقعاً له ان يفوز ب"السعفة الذهبية"، لكنه فاز بالتصفيق وبالاجماع وبالصخب السياسي العنيف، ليترك"السعفة"لفيلم سياسي آخر، هو الانكليزي"الريح تعصف"للمخضرم كين لوتش الذي كان دنا من قضايا سياسية عدة، بوصفه آخر اليساريين المحترمين في السينما الانكليزية. وهو تمكن هذه المرة من ان يفوز بالجائزة الأسمى عن فيلم، لم يكن الفوز متوقعاً له على اي حال، لكنه لم يزعج أحداً. بلى... ربما أزعج بيدرو المودوفار ومحبي فيلمه"بولبر"العودة الذي كان يستحق"السعفة"، فنال جائزتين لما مجموعه خمسة أشخاص: المودوفار نفسه فاز بجائزة السيناريو، فيما مُنحت بطلات فيلمه، وعلى رأسهن بينيلوبي كوروز وكارمن ماورا، معاً، جائزة أفضل تمثيل نسائي. إذاً"نساء بيدرو الاسبانيات، مقابل رجال بوشارب الجزائريين"، بدعة جديدة في"كان": لا بطولات فردية هذه المرة! جائزة الاخراج منحت، الى واحد من أفضل افلام دورة هذا العام، بل الى واحد من أكثر أفلام السينما العالمية عمقاً وتجديداً:"بابل"لالكسندر ايتيراتو الذي يدور في ثلاث قارات، ويدور جزء أساسي منه في المغرب وينطق جزئياً بالعربية. لمخرجه كان الحديث الأطول، وله كان التصفيق الأكبر."بابل"مجدداً في السينما، مع أنه ليس سوى الفيلم الثالث لمخرجه. فيلم قوي آخر هو"فلاندر"برونو دومون، نال جائزة لجنة التحكيم الكبرى. الفيلم تدور أحداثه في أرض عربية غير محددة. في حرب غير محددة، ولكنها تكاد تكون حرب العراق. فيلم قاس وعنيف. قاس وعنيف ايضاً الفيلم الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة"الدرب الأحمر"لاندريا رينولد. من اسم فلسطين مع حضور ايليا سليمان في لجنة التحكيم، الى ارض المغرب في"بابل"وحروب العرب في"فلاندر"، ثم خاصة مع أربعة ممثلين من أصل مغاربي سامي نصيري، سامي بوعجيلة، جمال دبوس، ورشدي زيم في جائزة افضل تمثيل... متى كان العرب يتوقعون حضوراً أقوى من هذا في مهرجان من طراز كان؟