تصاعدت الخلافات بين شريكي الحكم السوداني"حزب المؤتمر الوطني"بزعامة الرئيس عمر البشير و"الحركة الشعبية لتحرير السودان"برئاسة نائبه الأول سلفاكير ميارديت في شأن منطقة أبيي الغنية بالنفط المتنازع عليها بين شمال البلاد وجنوبها. ووقعت مشادات كلامية وملاسنات حادة خلال محادثات الطرفين التي تهدف الى تسوية قضايا عالقة تبطىء تنفيذ الاتفاق الذي وقع مطلع العام الماضي. واستعان اعضاء الاجتماع المشترك الذى أحيط بسرية تامة بالمبعوث الأميركي الى السلام في السودان روجر ونتر الذى شارك في لجنة دولية أعدت تقريراً تحفظ عنه"المؤتمر الوطني"وتمسكت به"الحركة الشعبية"، لأنه اعتبر أجزاء غنية بالنفط من منطقة أبيى جزءاً من جنوب البلاد. ومُنع الصحافيون أمس من الاقتراب من موقع الاجتماع الذي عُقد فى قاعة حكومية للمؤتمرات في غرب الخرطوم، بعدما تسربت معلومات عن خلافات وملاسنات وقعت بين وزير شؤون مجلس الوزراء دينق الور وعضو مفوضية الدستور الدرديري محمد أحمد. ولا تزال أمام الطرفين قضايا معقدة تشمل اقتسام عائدات النفط وترسيم الحدود بين شمال البلاد وجنوبها وسحب الجيش الحكومي من الجنوب. واعتبر المبعوث الأميركي الخاص للسلام في السودان روجر ونتر قضية أبيي"مهمة وفريدة والمفتاح الأساس لاتفاق السلام الشامل"، داعياً الى عدم العودة الى المربع الأول وألا تنتهك بروتكولات الاتفاق. ويتوقع أن يزور ونتر ابيي هذا الأسبوع. وقال ونتر إن قضية أبيي أخذت وقتاً في مفاوضات السلام، مذكراً أن بلاده تقدمت باقتراح لحل المشكلة وافقت"الحركة الشعبية عليه ولم تكن الحكومة آنذاك سعيدة به". وأضاف:"لكن في النهاية اتفق على بروتكول أبيي"، لافتاً الى أن"غياب تنفيذ الاتفاق في تعيين الادارة المدنية وإشراف رئاسة الجمهورية أوجدت تعقيدات، وأن المنطقة تشهد توتراً لغياب آلية الحكم وعودة المواطنين الى مناطقهم". وأكد ونتر أنه سيزور أبيي هذا الأسبوع، قائلاً:"نساعد الأطراف للخروج من التعقيدات الحادثة حالياً وإن لاتفاق السلام مطالب عند التنفيذ، وعلى جميع الأطراف الالتزام بذلك". وأضاف:"لا نريد أن نرى انتهاكات وعودة الى المربع الأول، بل أن يمضي الاتفاق الى الأمام من دون مشكلة"، مشدداً على أن"الشعب السوداني لا يريد أزمة جديدة". الى ذلك، ناقش مستشار الرئيس السوداني ورئيس وفد الحكومة الى مفاوضات أبوجا الدكتور مجذوب الخليفة أحمد الذي يزور طرابلس مع"رئيس حركة تحرير السودان"مني أركو مناوي الخطوات اللازمة لتطبيق اتفاق سلام دارفور الذي وقعاه قبل 24 يوماً. وقال الخليفة في تصريح نقلته وكالة الانباء السودانية الرسمية إن اللقاء توصل الى اتفاق على إعداد مجموعة سياسية وعسكرية مشتركة من الجانبين الترتيبات اللازمة لتطبيق الاتفاق. وأوضح أن طرفي اتفاق سلام دارفور سيجريان محادثات تتعلق بسبل تنفيذه فى اديس ابابا الأربعاء المقبل. ووصف هذا اللقاء الذى عقد ليل أول من أمس في طرابلس في حضور رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي ألفا عمر كونارى وأمين شؤون الاتحاد في"اللجنة الشعبية العامة للاتصال الخارجي والتعاون الدولي"الدكتور علي التريكي بأنه كان ناجحاً، مؤكداً التوافق الكامل فى الآراء. وأضاف الخليفة أنه حمل رسالة من الرئيس عمر البشير الى الزعيم الليبي معمر القذافي تتعلق بتقديم الشكر للجهود التى بذلها وما زال يبذلها لحل المشكلة والدور المنتظر منه في ترجمة إتفاق سلام دارفور. وعلم أن الخرطوم طلبت من القذافي التدخل لاقناع"حركة العدل والمساواة"بزعامة خليل ابراهيم و"حركة تحرير السودان"جناح عبدالواحد محمد نور بالانضمام الى اتفاق ابوجا قبل نهاية المهلة التي حددها الاتحاد الافريقي في نهاية الشهر الجاري، خصوصاً لأنه يتمتع بعلاقة متميزة بقائدي الفصيلين الرافضين للاتفاق. وفي سياق متصل، قال مبعوث الامين العام للامم المتحدة الى السودان الاخضر الابراهيمي ان الفريق المشترك بين المنظمة الدولية والاتحاد الافريقي سيتوجه الى السودان مطلع حزيران يونيو المقبل لتقويم الوضع فى اقليم دارفور، تمهيداً لنشر قوات دولية فيه. في غضون ذلك، قالت مصادر في الخرطوم إن برنامج زيارة بعثة مجلس الأمن الى السودان التي ستصل الخرطوم في الخامس من الشهر المقبل تشمل دارفور وجنوب البلاد. وستشارك البعثة في محادثات مع مسؤولين في الحكومة في السادس من حزيران حول تقويم مسار اتفاق السلام في جنوب البلاد، وتطورات الأوضاع في دارفور بعد اتفاق ابوجا. وستغادر البعثة الخرطوم الى اديس ابابا لاجراء مشاورات مع مسؤولي الاتحاد الافريقي في خصوص ملف دارفور، قبل أن تعود الى السودان مرة أخرى للوقوف ميدانياً على تنفيذ اتفاقي نيفاشا وأبوجا، عبر زيارة جوبا عاصمة اقليم جنوب السودان والفاشر كبرى مدن دارفور. وأضاف أن البعثة ستتوجه الى تشاد في التاسع من الشهر المقبل ومنها الى أفريقيا الوسطى والكونغو وبرازفيل، على أن تعود الى نيويورك في 11 الشهر ذاته لموافاة مجلس الأمن بتقرير متكامل عن زيارتها.