طويت أمس صفحة جديدة من أكبر فضيحة مالية هزت بداية القرن الواحد والعشرين وكبدت المستثمرين ملايين الدولارات. إذ حكمت هيئة المحلفين في محكمة ولاية هيوستن الأميركية بعد ستة أيام من المناظرات بأن رئيس مجلس إدارة"إنرون"السابق، كينيث لاي، ورئيسها التنفيذي السابق جيفري سكيلينغ"كانوا على علم بالصعوبات المالية التي تمر بها الشركة ونجحوا في إخفائها وتضليل الرأي العام". يشار الى ان"إنرون"للتجارة بالطاقة، التي كانت في حينه سابع أكبر شركة أميركية من ناحية القيمة السوقية، أعلنت إفلاسها في كانون الأول ديسمبر 2001، مطلقة سلسلة من الفضائح المالية التي طاولت شركات أخرى، منها"وورلدكوم"للاتصالات، وساهمت في وضع تشريعات محاسبية صارمة، ما يعرف بقانون"ساربنس - أوكسلي". كما دفعت الثمن شركة"آرثر أندرسن"للتدقيق المحاسبي وحلّت، بعدما أدينت بإخفاء معلومات تتعلق بأوضاع"إنرون"المالية في 2002. ويذكر ان شهادة رئيس قسم الخزانة سابقاً في الشركة بن غليسان الذي أدين بالسجن خمس سنوات في القضية نفسها كانت أهم دليل على معرفة سكيلينغ ولاي بوضع الشركة السيئ. في حين ان الآخرين زعما انهما"أعطيا صورة وردية عن أوضاع الشركة المالية، لأنهما اعتقدا أنها فعلاً جيدة وليس لغرض إخفاء المشاكل". وأوضحت هيئة المحلفين ان القيمين على الشركة عقدوا صفقات جانبية لا تظهر في دفاتر الشركة المالية بهدف إخفاء ديون ببلايين الدولارات وتضخيم الأرباح، وان المدير المالي في حينه، أندي فاستو، كسب نحو 60 مليون دولار من هذه الصفقات الجانبية. وأدين لاي بستة جرائم إحتيال وفساد، في حين أدين سكيلينغ ب19 جريمة مالية من أصل 28 تهمة. وبذلك، تكون حصيلة القضية إدانة 19 مديراً ومسؤولاً في الشركة. وبعد صدور الحكم، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن لاي قوله:"سنخرج من هذه المحنة أقوى ونعتمد على الله"، مضيفاً انه"بريء من التهم الموجهة إليه"وان القرار"فاجأه". وتعهد ان يتقدم بدعوى استئناف. وأشارت الصحيفة ان الحكم النهائي الذي سيصدر بحقه وسكيلينغ في 11 أيلول سبتمبر المقبل، قد يجعله يدخل السجن لسنوات. يذكر ان لاي حصل على 220 مليون دولار من بيع أسهمه في الشركة بين عامي 1999 و2001 أي قبل الفضيحة، في حين حصل سكيلينغ على 150 مليوناً. علماً ان لاي استخدم أمواله الخاصة وأموال الشركة بهدف كسب القوة السياسية، وتبرع بأموال لحملات الرئاسة الخاصة بالرئيس بوش ومسؤولين جمهوريين. ردود الفعل الرسمية الى ذلك، أعلنت حكومة الرئيس بوش إضافة إلى مشرعين أميركيين، ان حكم هيئة المحلفين في قضية كينيث لاي وجيفري سكيلينج، الرئيسين التنفيذيين السابقين لشركة"إنرون"بعث"برسالة قوية ضد الفساد المالي في الشركات". وهنأ توني سنو، الناطق باسم البيت الأبيض، وزارة العدل الأميركية على إتمامها بنجاح دعوى قضائية شديدة التعقيد قادت إلى أحكام بإدانة المعنيين، موضحاً ان"الحكومة كانت واضحة تماماً في أنها لن تتسامح مع الفساد المالي". وقال عضو الكونغرس مجلس النواب الجمهوري مايكل اوكسلي، الذي شارك في وضع إصلاحات قانون"ساربنس -اوكسلي"، ان"قرار المحلفين يساعد على إغلاق فصل سيئ السمعة في تاريخ الشركات الأميركية المساهمة". يذكر ان دعوى الحق العام التي رفعها كبار مساهمي الشركة ضد لاي وسكيلينغ وفاستو ستنطلق في تشرين الأول أكتوبر المقبل، علماًً ان قاضياً أميركياً وافق الأربعاء الماضي على تسوية مالية بقيمة إجمالية 6.6 بليون دولار تقدمت بها ثلاثة مصارف كبرى، هي"كاناديان إمبيريال بنك أوف كومرس"وپ"جي بي مورغان تشايز"ومجموعة"سيتي غروب"، كتعويضات لمصلحة مساهمي"إنرون"، بعد اتهام مصارف بالتواطؤ مع مديري الشركة.