هواية غريبة تسبب الصداع في رأس المجتمع البحريني يقف وراءها شباب يدافعون عنها بالمال وبالروح ان لزم الأمر، إنها هواية قيادة الدراجات النارية"الموتوسيكل"، إذ تختلط الرياضة بالاستعراض الطبقي والرغبة في التحرر والانطلاق. ومثل كل الهوايات الغريبة لا تخلو هذه الهواية من طقوس ولغة سرية"شفرة"يتبادلها أصحابها للحفاظ على ما فيها من خصوصية، وأول تلك الطقوس تبدأ من الأماكن التي يتجمعون فيها، فبعضهم يفضل وسط العاصمة "المنامة"وبالتحديد حي"العادلية"الراقي بطابعه المختلط حيث تكثر المقاهي والمطاعم وپ"الكوفي شوبس"وبصورة تسمح لهؤلاء الهواة بلفت نظر الفتيات الى قدراتهم الخارقة. ولكن هذا الخيار يكلّف أصحابه غالياً، إذ يعرضهم غالباً للوقوع فريسة سهلة للدوريات المرورية التي تسعى الى تأمين الشوارع من جنون السرعة والحفاظ على راحة السكان كما تلزم قائدي هذه الدراجات الالتزام بقواعد المرور واشتراطات الأمان، فيما يفضل بعضهم الآخر الخروج الى المناطق الخلوية في"البر"ومنطقة"الصخير"تجنباً لمثل هذه المواجهات، وعادة ما تكون منطقة"أم جدر"هي الساحة المناسبة لتسيير مواكب الاستعراض والسباقات التي امتد حضورها الى منطقة"سباقات الفورمولا"بالقرب من"حلبة البحرين الدولية"المزودة بشوارع ممهدة وبإنارة حديثة تضفي على الطقس طابعاً مميزاً لا يتوافر لهواة التسكع في قلب المدينة. وثمة أنواع عدة من"الموتوسيكلات"يميزها مدمنو هذه الهواية التي بدأت الانتشار فعلياً في البحرين منذ أوائل التسعينات - بحسب ما يؤكد عزيز الشيوخ - وهو واحد من الذين ورطهم شغفهم بالرياضة بممارسة هذه الهواية لسنوات طويلة قبل ان ينقطع عنها بسبب"الملل". ومن تلك الأنواع التي يذكرها وتحظى بانتشار واسع:"هارلي ديفندسون"وپ"البانجي"له أربع عجلات"البايلوت"وله مقود يشبه عجلة القيادة في الطائرة ومجموعة"الريسنج"التي تستخدم في السباقات التي لا تزيد عادة عن مئة متر وتجرى في الطرق السريعة وفي أوقات متأخرة من الليل، وتحدد وفق مواعيد سرية يتبادلها الهواة الذين يغيرون كذلك من أماكن السباق أسبوعياً تجنباً لوجود المتطفلين على عالمهم، بحسب ما يشير نادر عبدالعال وهو صحافي شاب يتابع شغف أصدقائه بهذه الهواية، ويتوقف أمام نوع آخر من تلك الدراجات يسمى"الكلاسيك"ويفضل أصحابه استخدامه للتسكع فقط. ويلفت عبدالعال إلى ان"التقليعات والصرعات"التي تنتاب أصحاب هذه الهواية إذ يلجأ بعضهم إلى تزيينها بصور وألوان غريبة عبر مختصين كما يلجأ آخرون إلى تحسين كفاءة الدراجة من خلال"تلغيمها"واللجوء الى"ميكانيكي مختص"لرفع كفاءتها في ميدان"السباق"، حيث لا تستخدم أبداً كوسيلة انتقال. وعلى رغم تواضع دخل المواطن البحريني قياساً الى مستوى الدخل في بلدان الخليج الأخرى، إلا ان هذه الهواية تمثل أحد البنود الرئيسة في موازنات الأسر التي تعترف بحاجة أبنائها الى ممارسة هوايات من هذا النوع المكلف حيث تتراوح تكلفة"الموتوسيكل"الواحد ما بين 1500 دينار اي ما يعادل 4000 دولار أميركي و4000 دينار نحو 11 ألف دولار. واللافت ان ممارس هذه الهواية ينقطع عنها في الغالب عند وصوله الى سن الخامسة والثلاثين وساعتها يلجأ الى بيع دراجته، وإما الاحتفاظ بها في حديقة بيته والاعتناء بها كقطعة ديكور تذكره بالأمجاد التي عاشها في مراهقته وشبابه.