في مدينة كفر الدوار القريبة من الإسكندرية وعلى أطلال ماضٍ عريق، أبدى وزراء وصحافيون ومسؤولون في نقابات العمال حسرتهم على ما آلت إليه صناعة النسيج في البلاد. فبعدما كانت ذات شهرة عالمية في الستينات والسبعينات، باتت غالبية الصناعة حالياً عنواناً للإهمال وإهدار الموارد المالية والبشرية، لاسيما في مدينة كفر الدوار. وهَدف وزراء الاستثمار والتجارة الخارجية والصناعة والقوى العاملة محمود محيي الدين ورشيد محمد رشيد وعائشة عبد الهادي، إضافة إلى مسؤولي محافظة البحيرة التي تتبعها كفر الدوار، من زيارتهم إلى وضع الخطوات الأولية لإحياء صناعة النسيج في كفر الدوار وحل المشكلات القائمة. وعلى رغم الخراب الذي شاهده الزوار في بعض المصانع وتوقف العمال عن عملهم منذ نحو سنتين في انتظار"الفرج"، فلن تتبخر وعود الوزراء كما في السابق، كما قالوا، اذ جاء التكليف أمس من الرئيس حسني مبارك شخصياً. وسيزور رئيس الوزراء أحمد نظيف المنطقة خلال أيام لوضع تقرير نهائي حول وضعها. وأعلن محيي الدين عن وجود تصور شامل للمصانع، وعن ضخ استثمارات جديدة بصفة عاجلة للشركات الخمس الكبرى تراوح بين 375 مليون جنيه وبليون جنيه حتى تستعيد المنطقة مكانتها الصناعية على المستوين المحلي والإقليمي. كما أكد وجود خطة شاملة لتطوير كفر الدوار، تتمثل في خفض مديونية الشركات التي تقدر بنحو 1.6 بليون جنيه، وكذلك في استغلال الأراضي الضخمة التي تقدر مساحتها بنحو مئة فدان. اعادة هيكلة الشركات وأضاف محيي الدين أن الخطة تنص كذلك على إعادة هيكلة اليد العاملة، لكنه شدد على أن العمال لن يُجبروا على قبول إحالة مبكرة إلى التقاعد، كما أن أية مصانع لن تُباع بل سيُعاد تأهيلها. وأوضح"أن سياسة الوزارة بصفة عامة تتفق ومتطلبات كل شركة على حدة، إذ ستُدمج شركات وتُباع أخرى، وستُعاد هيكلة الشركات التي تحتاج إلى ذلك". من جانبه شدد رشيد على ضرورة وقف نزيف الخسائر التي تتكبده الشركات في المنطقة، مشيراً إلى أن قطاع النسيج وصناعة الملابس في البلاد حقق خلال الفترة الماضية طفرة كبيرة، إذ زاد إنتاجه السنة الماضية بنسبة 26 في المئة، كما زادت الصادرات منه بنسبة 40 في المئة. وأوضح أن مصانع كفر الدوار التي تضم"مصر صباغي البيضاء"، و"مصر للألياف وخيوط البوليستر"، و"مصنع الحرير الصناعي"، و"مصنع الغزل والنسيج"،"تحتاج إلى خمسة أمور أساسية تتمثل في ضخ استثمارات جديدة، وتطوير الإدارة وتعزيز استغلال الأصول الموجودة، وتطوير التكنولوجيا في المصانع، وحل مشكلات تصدير القطن". وأشار إلى أن المشكلة الأخيرة تعاني منها كل شركات الغزل ليس في كفر الدوار فقط وإنما على مستوى الجمهورية. وقال إن اتفاقاً عاماً وقّع بين وزارة التجارة والصناعة ووزارة الزراعة على تحرير سعر القطن ما سيكون له أكبر الأثر على صناعة الغزل في مصر. من جهتها طمأنت عبد الهادي العمال، مشيرة إلى"أن التخصيص ضرورة، وإعادة الهيكلة تحتاج لها شركات معينة، ولكل شركة ظروفها، ولدينا تعليمات بأن لا يلحق الضرر بأي عامل على الإطلاق". وقال رئيس"القابضة للغزل والنسيج"محسن الجيلاني إن إصلاح الشركات المذكورة ممكن وبتمويل من قرض ميسر يسدد على أجل طويل. وذكر أن عدد العمال في المصانع يصل إلى 28 ألفاً. وطالب نائب رئيس اللجنة النقابية في شركة"صباغي البيضاء"عاطف سالم بضخ استثمارات بنحو بليون جنيه بحلول نهاية السنة لتطوير المنطقة وإعادتها إلى عصرها الذهبي.