يبدو أن صبر حركة"حماس"اخذ ينفد إزاء استمرار وجود العميد رشيد أبو شباك على رأس المؤسسة الأمنية الأكبر والأهم في الأراضي الفلسطينية، فرفعت سقف مطالبها أمس ودعت الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء إسماعيل هنية إلى إقالته من منصبه مديراً للأمن الداخلي. جاءت مطالبة"حماس"بإقالة أبو شباك الذي عينه الرئيس عباس في هذا المنصب قبل نحو شهرين، بعدما اعتدت عناصر من جهاز الأمن الوقائي الذي هو تحت مسؤولية أبو شباك على مستشار هنية السياسي الدكتور احمد يوسف، والنائب عن حركة"حماس"سيد أبو مسامح في مدينة غزة أمس، وذلك بعد ساعات قليلة من تجدد الاشتباكات بين مسلحين من حركتي"حماس"و"فتح"في مدينة غزة، التي انتقلت إليها"العدوى"من مدينة خان يونس. وأشارت الصدامات التي وقعت أمس بين أنصار الحركتين في حي التفاح بمدينة غزة وأصيب فيها 11 مواطنا، والتي وقعت أول من أمس وقتل فيها ثلاثة وأصيب 11 آخرون، إلى أن الحركتين تقطعان مزيدا من المسافات والوقت في اتجاه مواجهة أو معركة يرى مراقبون أن وقوعها بات حتميا ومسألة وقت. ورافق الاشتباكات الدامية تصعيد إعلامي بين الحركتين و"جيش"من الناطقين باسميهما أصبح شغله الشاغل الخوض في"معارك"كلامية قبل أن يسدل الليل ستاره، ويستعد الطرفان لمعركة اليوم التالي. وفي خصوص ما حصل أول من أمس، كان هناك روايتان مختلفتان إزاء الأحداث الدامية التي شهدتها مدينة خان يونس وبلدتي عبسان وبني سهيلا الواقعتين إلى الشرق منها. الأمر نفسه تكرر في أحداث أمس إذ برزت روايتان متناقضتان للحادثين، حادث الاشتباكات، وحادث الاعتداء على النائب والمستشار. لكن رواية مستقلة قدمها مركز مهني مستقل هو المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان الذي يتخذ من مدينة غزة مقرا له، افادت ان اشتباكات مسلحة وقعت بين أنصار حركتي"فتح"و"حماس"وقعت فجرا أسفرت عن إصابة 11 مواطنا بجروح متفاوتة. وقال المركز إن ثلاثة فقط من بين الجرحى هم من أنصار الحركتين، وان الثمانية الآخرين ومن بينهم خمسة أطفال كانوا من سكان الحي. وأضاف المركز في بيان أصدره أمس أن الاشتباكات أعقبت عمليات خطف متبادلة بافتعال الأزمة واتهامات جرت بين أنصار الحركتين، مشيرا إلى أن"حماس"اتهمت عناصر من"فتح"بإطلاق النار في اتجاه احد عناصر"كتائب القسام"وعدد من منازل نشطاء من"حماس"، فيما اتهمت حركة"فتح"عناصر من"حماس"بخطف احد عناصرها من دون مبرر. وبعد ساعات قليلة اعتدت عناصر من الأمن الوقائي على يوسف بالضرب حسبما قال الناطق باسم كتلة"حماس"في التشريعي النائب صلاح البردويل في مؤتمر صحافي عقده في مقر وكالة"رامتان"للأنباء في مدينة غزة أمس. وقال البردويل إن"عناصر من الأمن الوقائي طالبوا تحت تهديد السلاح النائب أبو مسامح ومستشار رئيس الوزراء بالعودة وعدم المرور من أمام مقر جهاز الأمن الوقائي في غزة"حيث يقيم الجهاز حاجزا امنيا شبه دائم. وأشار إلى أن عناصر الأمن الوقائي اعتدت"بالضرب على الدكتور يوسف وأطلقوا النار بكثافة على عجلات السيارة واحتجزوا أبو مسامح ويوسف واثنين من المرافقين لمدة من الوقت". ووصف ما حدث بأنه"سلوك شائن يكشف عن حال الفساد والانفلات الأمني التي يمارسها أفراد الأمن الوقائي"، محملاً قيادة الأمن الوقائي المسؤولية عن"توتير الساحة ومخالفة القانون والتعدي على حصانة النواب وأعضاء الحكومة المنتخبة". ودعا البردويل وزير الداخلية والأمن الوطني سعيد صيام إلى محاسبة المتورطين في الحادث. من جانبه، نفى الأمن الوقائي أن يكون تم اعتقال النائب أبو مسامح والمستشار يوسف. واصدر الجهاز بيانا توضيحيا قال فيه إن أفراد الأمن الوقائي الموجودين على الحاجز المقام قرب المقر الرئيسي للجهاز في حي تل الهوا بمدينة غزة طالبوا سائق سيارة أبو مسامح ويوسف بتغيير مسارها"إلا أن سائق السيارة رفض ذلك، ما نجم عنه تلاسن وإطلاق نار في الهواء، ثم عراك بالأيدي بين المرافقين وأفراد الأمن الوقائي والمستشار يوسف". وأضاف الجهاز أن عددا من ضباط الأمن الوقائي توجهوا إلى المكان"واستضاف النائب أبو مسامح والمستشار يوسف والمرافقين داخل المقر حيث اجتمع بهم عدد من قيادات الجهاز وقدموا اعتذارا عما حدث، وتم اتخاذ إجراءات انضباطية في حق أفراد القوة الذين كانوا في المكان". ولم يتسن التحقق من النائب والمستشار من حقيقة ما جرى بسبب إغلاق أجهزة الهاتف الخلوية الخاصة بهم.