وجدت حكومة حركة"حماس"نفسها في اليومين الاولين من تسلمها مهامها رسمياً امام مفاجآت"غير سارة"من الداخل والخارج. ففي مدينة غزة انفجر الوضع الداخلي امس على صورة اشتباكات مسلحة اسفرت عن مقتل ثلاثة فلسطينيين وجرح 36 آخرين جروح ستة منهم خطرة. ووقعت الاشتباكات بين عناصر في لجان المقاومة الشعبية وعناصر من حركة"فتح"خلال تشييع قائد ميليشيا الوية الناصر صلاح الدين التابعة للجان المقاومة الشعبية خليل القوقا. وكان القوقا 42 عاماً قتل ظهر امس في انفجار سيارة مفخخة. واعلنت اسرائيل ان لا صلة لها بانفجار سيارة في غزة. وصرح نبيل ابو ردينة الناطق باسم الرئاسة لوكالة الانباء الفلسطينية ان"الرئيس محمود عباس دان من مدينة الكاب في جنوب افريقيا جريمة الاغتيال التي وقعت بحق ابو يوسف القوقا". ونقلت الوكالة عن عباس دعوته الى"ضبط النفس والمسلحين الى الانسحاب من الشوارع وعودة الهدوء". واوردت انه اجرى"اتصالا باسماعيل هنية رئيس الوزراء لتطويق ذيول الحادث". راجع ص 5 وتضم"لجان المقاومة الشعبية"، وهي مجموعة عسكرية كبيرة، فئات من خلفيات سياسية وأمنية مختلفة. ورجح مسؤولون في أجهزة الأمن ان يكون مقتل القوقا قد جاء على خلفية نزاعات داخل المجموعة، لكن الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية، ويدعى أبو عبير، سارع الى اتهام جهاز الأمن الوقائي في غزة بالوقوف وراء الاغتيال. ووقعت اشتباكات مسلحة بعد مقتل القوقا بين مسلحين واعضاء في لجان المقاومة الشعبية اصيب فيها طفلان. وقال أبو عبير في اتصال هاتفي مع"الحياة"ان محمد دحلان الرئيس السابق لجهاز الأمن الوقائي، ورشيد ابو شباك الرئيس الحالي وسمير مشهراوي أحد قادة الجهاز هم المسؤولون عن اغتيال القوقا. وعزا ذلك الى ما اسماه تمرد القوقا على أوامرهم. وقال:"كان القوقا ضابطا في الأمن الوقائي قبل ان ينضم الى لجان المقاومة الشعبية ويقود جناحها العسكري، وطوال الوقت كانت هناك محاولات من قادة"الوقائي"للهيمنة عليه لكنه كان يرفض وقد وصل الأمر الى حد اغتياله". وقال ان القوقا نجا من ثلاث محاولات اغتيال سابقة. وأشار وزير الداخلية سعيد صيام بأصابع الاتهام الى اسرائيل في عملية اغتيال القوقا لكنه قال في الوقت ذاته ان الوزارة شرعت في التحقيق في عملية الاغتيال وانها ستحاكم المتورطين. وكانت حكومة"حماس"تلقت في يومها الاول انذارات عدة من الخارج، ابرزها اعلان اللجنة الرباعية انها قد توقف دعم الموازنة الفلسطينية اذا لم تستجب شروطها، خصوصاً الاعتراف باسرائيل ونبذ العنف. وجاء الإنذار الثاني من وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي قالت ان ادارة بوش قد تتفهم قيام اسرائيل برسم الحدود من جانب واحد بسبب وجود"حماس"في الحكم. يضاف الى ذلك ان لجوء تنظيمات مسلحة، خصوصاً من حركة"فتح"المعارضة، الخصم اللدود ل"حماس"الذي لا يوفر شيئاً من شأنه تقصير أجل"حماس"في الحكم، الى العمليات العسكرية بعد توقف لأكثر من عام يشكل مصدر قلق كبير ل"حماس"لعلمها ان اسرائيل ستستغل ذلك لتوجيه ضربات عسكرية وسياسية للفلسطينيين قد تفوق قدرة حكومتها على البقاء. ونفذ عنصر من"كتائب الاقصى ليل الخميس عملية انتحارية عند مدخل مستوطنة"كدوميم"في شمال الضفة الغربية اسفرت عن قتل اربعة اسرائيليين. ودان الرئيس عباس العملية فيما دافع عنها ناطق باسم"حماس"باعتبارها"مقاومة ضد جرائم اسرائيلية". والمؤكد ان استئناف كتائب شهداء الأقصى هجماتها سيكون واحداً من وسائل تقصير عمر حكومة"حماس". اذ ان هذه العمليات ستقود، اذا تواصلت، الى ردود اسرائيلية مثل استهداف البنى التحتية الفلسطينية على نحو تعجز فيه حكومة الحركة عن اعادة اصلاحها. ورغم تشديد"حماس"العلني على"حق الشعب الفلسطيني في المقاومة"، الا ان الحركة غدت صاحبة المصلحة الأكبر في استمرار التهدئة التي امتنع قادة"حماس"بعد فوزهم في الانتخابات عن الإدلاء بأي تصريح يشير الى امكانية وقفها. والمشكلة الأكبر أمام"حماس"ان المناكفات الداخلية التي تواجهها تترافق مع ضغوط خارجية سياسية واقتصادية كبيرة. فعلى المستوى السياسي تواجه في سنوات حكمها الأربع المقبلة مشروع حزب"كديما"الاسرائيلي لضم اكثر من 50 في المئة من أراضي الضفة. ومن شأن وجود"حماس"في الحكم ان يسهّل على اسرائيل تطبيق مشروعها بذريعة انها لا تعترف بوجودها ولا يمكن بالتالي اعتبارها شريكاً في المفاوضات.