تصاعدت حدة التوتر السياسي داخل الكتلة الشيعية حول مرشحها لرئاسة الوزراء وبرزت الى العلن الخلافات في المواقف بين كل من ابراهيم الجعفري الذي فاز بترشيح الكتلة لهذا المنصب ومنافسه عادل عبد المهدي. ورفض الجعفري في تصريحات نشرتها صحيفة"الغارديان"البريطانية الضغوط التي تمارس عليه للتخلي عن المنصب. وقال:"قرار ترشيحي تم بطريقة ديموقراطية وأنا مصر على هذا القرار. وعلينا حماية العملية الديموقراطية فهذه العملية هي التي تقرر من يحكم العراق". وفي اشارة الى الزيارة التي قامت بها وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ووزير الخارجية البريطاني جاك سترو أخيراً الى بغداد وما نقل عن تفضيلهما عبد المهدي رئيسا للحكومة قال الجعفري:"على الجميع احترام الآليات الديموقراطية مهما كان رأيهم بالاشخاص". ولم يشأ التعليق على الحفاوة الخاصة التي حظي بها عبد المهدي من سترو ورايس ودعوتهما له مرتين الى اللقاء معهما فيما اقتصر لقاؤهما مع الجعفري على جلسة واحدة استغرقت 40 دقيقة. اما عادل عبد المهدي، الذي تجنب منذ بداية الحملة التي تدعو الجعفري الى التنحي اتخاذ موقف معلن من هذا الموضوع، فقد انتقد للمرة الاولى اداء حكومة الجعفري المنتهية ولايتها وقال في حديث الى تلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية:"لم تكن على درجة عالية من الكفاءة وأهم شيء هو انه لا يتمتع بموافقة البرلمان بالكامل مثلما نرى الآن". وعندما سئل عما اذا على الجعفري أن يتنحى رد بالقول:"نعم بعد تسميته ومرور كل هذه الوقت وعدم حصوله على موافقة آخرين فانه يوجد الآن بعض الرفض لترشيحه حتى داخل الائتلاف ولذلك اعتقد أنه يجب أن يتنحى". وتشكل هذه التصريحات سابقة يمكن أن تطيح ب"الائتلاف"وتدفع مسألة حسم المرشح لرئاسة الحكومة الى مجلس النواب كما يطالب الرئيس جلال طالباني. وأكد عضو"الائتلاف"عن"حزب الدعوة"شيروان الوائلي ان الدعوات من داخل"الائتلاف"لتنحي الجعفري سابقة تضر بمصالح الكتل أولاً وأخيراً،"لأنه في حال فوز مرشح آخر غير الجعفري فانه سيبقى متهماً من الشارع الشيعي بالعمالة للاميركيين مما سيضر بأداء الحكومة ومصداقيتها". وقال الوائلي ل"الحياة"ان الدعوات المنطلقة من داخل"الائتلاف"لتغيير الجعفري تمثل قفزاً على آليات العمل والنظام الداخلي، مؤكداً ان"أي قرار يتم اتخاذه داخل الائتلاف يكون ملزماً لأحزابه، كما ان مطالبة الكتل السياسية الأخرى بإبدال الجعفري تعتبر قفزا على الدستور وأسس العملية الديموقراطية". وذكر الوائلي انه حسب مسودة الدستور الدائم فان الكتلة الفائزة بأكبر عدد من المقاعد النيابية الائتلاف هي التي تملك الحق في ترشيح رئيس الوزراء من دون ان يغفل حق الكتل الأخرى في الاعتراض عليه، كما ان التصويت داخل مجلس النواب هو ليس لقبول او رفض المرشح بل للتصويت بالثقة على حكومته وبالتالي فإن إسقاطه داخل البرلمان سيكون أمراً مشبوهاً من الناحية القانونية. من جانبه قال القيادي في"المجلس الاعلى"رضا جواد تقي ان تصريحات عبد المهدي لا يقصد منها افتعال أزمة داخل"الائتلاف"الشيعي وانما هي لطرح حلول للإسراع باعلان الحكومة وحل أزمة المرشح لرئاسة الوزراء وسط الضغوط الشعبية والسياسية. وأكد ل"الحياة""ان مطالب الكتل السياسية ازاء الجعفري هي ذاتها والمجلس الأعلى حاول حل الأزمة داخل"الائتلاف"ومع هذه الكتل من دون نجاح يذكر". وأضاف"مع تلويح الرئيس جلال طالباني والقائمة السنية وقائمة اياد علاوي بأن الإبقاء على الجعفري سيدفع الأمر الى البرلمان وإصرار الكتلة الصدرية وحزب"الدعوة"على ترشيح الجعفري فإننا سندفع باتجاه التصويت حفاظاً على الأصوات المؤيدة للجعفري داخل"الائتلاف"واحتراماً لرغبة الكتل الأخرى"، لافتاً الى ان انعقاد البرلمان سيتم باتفاق رؤساء الكتل مع رئيس السن عدنان الباجه جي. وحذر وزير النقل في الحكومة المنتهية ولايتها سلام المالكي، زعيم الكتلة الصدرية داخل"الائتلاف"، من محاولات التخلي عن دعم الجعفري داخل الكتلة الشيعية، نافياً وجود أي رغبة لدى كتلته في الانسحاب من العملية السياسية. وقال"الكتلة الصدرية مستمرة في دعم الجعفري ونحذر من محاولة الابتزاز الداخلي والضغوط الخارجية ضده". وأكد المالكي ان كتلته مستعدة لمناقشة الملاحظات التي تطرحها الكتل السياسية الاخرى حول الجعفري وإبداء المرونة في الاستجابة لها لكن"وضع خطوط حمراء أمر مرفوض لأنه لا يخدم العملية السياسية". على صعيد ذي صلة، أعلن المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي من حزب"الفضيلة"الإسلامي حل الأمانة السياسية العامة للحزب، مما يعني انتفاء قدرة الحزب على ترشيح زعيمه نديم الجابري لرئاسة الوزراء. وقال عضو الحزب الشيخ محمد الحميداوي ل"الحياة"ان اليعقوبي أمر باعتبار الأمانة العامة للحزب أمانة تصريف أعمال ليس من حقها اتخاذ أي قرار او القيام بأي مهمة حتى اعادة انتخابها، وأضاف:"ان هذا الأمر يعني عدم مقدرة على اتخاذ خطوة بشأن ترشيح احد قيادييه لرئاسة الوزراء". وكان نديم الجابري رشح نفسه لهذا المنصب ثم انسحب ليبقي المنافسة قائمة بين الجعفري وعبد المهدي. وأكد الحميداوي ان هذه الخطوة جاءت لقطع الطريق على أي محاولة يراد بها دفع"الفضيلة"الى اضعاف"الائتلاف"، مشيرا الى ان الغاية الأخرى من هذا القرار هي لدعم خيار"الائتلاف"الذي اتخذ بطريقة ديموقراطية وليس لدعم شخص الجعفري بوجه خاص". وأوضح الحميداوي ان جهات من خارج"الائتلاف"تعمل على اضعاف الكتلة الشيعية بالعزف على أوتار مرشحين نافسوا الجعفري على منصب رئيس الوزراء، أو بالتلويح بتشكيل جبهة انقاذ وطني او جبهة اعتدال تارة أخرى. لكنه قال ان تزايد الأصوات الداعية لإبدال الجعفري داخل"الائتلاف"ستدفع باتجاه حسم هذه القضية داخل البرلمان.