متابعة أكبر عدد من المصممين أمر شبه مستحيل مع صفحة واحدة في الأسبوع، بخاصة في ظلّ النمو المضطرد الذي يشهده قطاع الموضة. إلاّ أن هناك مَن لا يمكن تجاهله مهما طالت فترة غيابه، إذ تجده يفرض نفسه في كل موسم، وفي كل قصة وفي كل تصميم يبتكره، والمصمم اللبناني جورج شقرا مثال حي على ذلك. بموديلات متنوعة مشبعة بالحركة، ومسترسلاً في تصاميم تبرز معالم الأنوثة، قدّم شقرا مجموعته لربيع - صيف 2006 في إطار أسبوع الموضة في باريس. مجموعة تحمل في طيّاتها وألوانها ملامح الفن الراقي، ومن الفساتين "الديكولتيه"Dژcolletژ بأقمشتها المتنوعة، إلى تلك التي انحسرت عن الظهر، تميّزت كل قطعة من التشكيلة الجديدة بطابع خاص، في باقة متنوعة من الأقمشة صبّت في بحر الأنوثة والجمال الفتان والسحر الذي لا يقاوَم. أبدع شقرا إلى آخر حدود الإبداع، لا سيما في التركيز على ظهور الفساتين التي قدّمها في اللعب على التطريز والأكسسوارات التي زيّنتها، فحولتها حدائق غنّاء تنبت فيها زهور الربيع، مترافقة مع التركيز على القصّات المتعرّجة التي رسمت حدوداً جديدة للأجساد المتمايلة على خشبة العرض. قصّات أظهرت قدرة شقرا على تطويع الأقمشة من الحرير، إلى الأورغانزا والتافتا، فالدنتيل والشيفون... أقمشة متعدّدة تراقصت على أجسام العارضات مؤكدة مكانة شقرا في هذا المجال خصوصاً لناحية اختياره القماش وموالفته مع التصاميم الدقيقة والرقيقة بما يخدم فكرته. ألوان ربيع - صيف 2006 ، تدرّجت من الأخضر والأزرق والأصفر والزهري وغيرها من الألوان الباردة، وانحسرت الألوان النّارية. إلاّ أن"سيد الألوان"الأسود احتفظ بمكانته وإن اختلط مع بعض الأبيض أو الفضي. اللافت في هذه التشكيلة، انها تحوي بعض القطع التي يمكن تصنيفها من مستوى"الخياطة الراقية العملية". فعلى رغم تركيزه على الفساتين الطويلة والمطرزة التي ترقى بإطلالة المرأة إلى مرتبة الأميرات في الحفلات الكبرى والأعراس، تضمّنت مجموعة شقرا للموسم المقبل بعض التايورات والانسمبلات التي تندرج في إطار الخياطة الراقية من تلك التي تحافظ على الحرفية والدقّة في التصميم، مع انحسار البهرجة والشك ما يجعلها تلائم مختلف المناسبات. غابت الألبسة القصيرة عن المجموعة، مؤذنة بالعودة إلى الطويل. ولم يظهر الاكسسوار إلا في شكل نادر مع حفاظه على الرقي والدقّة في التنفيذ. وظهرت الاكسسوارات وهي عبارة عن بعض الخيوط كغصون تحمل أزهاراً على أعناق العارضات وظهورهن وتتناسب في شكل كلّي مع الفساتين المعروضة، فضلاً عن بعض الحقائب اليدوية الصغيرة الحجم، على عكس ما تحمله موضة العام للألبسة الجاهزة. أما فستان الزفاف في تشكيلة شقرا فلا يختلف برقيه وبسهولته الممتنعة عمّا قدمه في هذه المجموعة، التي استطاعت وعلى غرار كل موسم منذ العام 1993، أن تزرع الدهشة في عيون جمهور شقرا لما حملته من جديد ساحر ولمسة خاصة بعيدة عن النسخ والتقليد. خواتم مرصّعة وألوان تحاكي الطفولة 21 آذار مارس أول يوم من أيام فصل الربيع، حقيقة تعلّمناها في المدرسة. ولطالما رسمنا الفراشات والورود إيذاناً بقدوم فصل الدفء والشمس. إلاّ أن"فيكتوار دو كاستيلا"Victoire De Castella مصممة أكسسوارات دار"ديور"، قرّرت الإيذان بوصول هذا الفصل على طريقتها، فقدّمت مجموعة جديدة من الخواتم التي تتناسب مع"طبيعة"الربيع:"ديوريت"Diorette، أو تصغير أنثوي لكلمة"ديور"، المجموعة التي قدمتها دو كاستيلا، للموسم الحالي. بلوني الذهب الأبيض والأصفر، تشكّلت قواعد خواتم"ديوريت"المرصّعة بالأحجار الكريمة على اختلاف الألوان والأحجام. أحجار برّاقة وشفّافة تمركزت في وسط الخواتم، فتحلّقت حولها الفراشات والورود وبمختلف ألوان الطبيعة وكأنّها تشتم رحيقها. اللافت في"ديوريت"أنها تناسب الفتيات كما تناسب السيّدات، إن لجهة الضخامة المتفاوتة التي تتوافر فيها، أو لجهة البساطة التي تحويها في تصاميمها الدقيقة. كما أنها تتلاءم مع مختلف المناسبات الرسمية والعملية. الدّقة في تصاميم"ديوريت"، تجعل الناظر إليها يرى تجسيداً حقيقياً لورود مختلفة الأنواع والألوان، وتفاصيل دقيقة تتألّف منها الحشرات. الكثافة في العناصر التي تؤلّف القطعة الواحدة من"ديوريت"وكثرة ألوان"الطفولية"، إذا صحّ التعبير، يجعل منها مجموعة أقرب إلى الأكسسوارات من المجوهرات، ويؤذن باستمرار موضة المجوهرات والأكسسوارات الكبيرة والملوّنة. هذا النوع من التصاميم يحمل في طيّاته، هامشاً من إمكان تقليده باستخدام مواد رخيصة، لكن تبقى الدقة في التنفيذ بلمسات دو كاستيلا ضمانة دار"ديور"الفرنسية للحفاظ على اسمها كعلامة فارقة في عالم الموضة.