تعود الاتحادات الطالبية والنقابية مجدداً الى الشارع اليوم الثلثاء في مختلف انحاء فرنسا، تدعيماً لمطلبها حول سحب عقد الوظيفة الاولى للشباب، المجمد عملياً بانتظار تعديله من قبل البرلمان. وتسعى هذه الاتحادات الى ان تكون التعبئة مماثلة لتلك التي شهدتها المدن الفرنسية الثلثاء الماضي، حيث قدر عدد المتظاهرين بالملايين. وتوالت منذ يوم امس البلاغات عن الاضرابات المختلفة التي تشمل النقل العام والبريد والهاتف اضافة الى المطارات، اضافة الى الكثير من المؤسسات الخاصة الاعلامية والمصرفية والتجارية والصناعية. وواكب الاستعدادات ليوم التعبئة هذا سؤال حول ما اذا كان سيتبعه استمرار في التأزم والمراوحة أم انحسار تدريجي للتوتر المخيم على البلاد. وتفيد التصريحات الصادرة عن الاتحادات الطالبية ان الوضع سيتجه الى التصعيد عبر الابقاء على اغلاق الجامعات وعلى الاحتجاج والتظاهر، الى ان يتم سحب عقد الوظيفة الاولى بصورة نهائية. اما النقابات العمالية، وعلى رغم اصرارها ايضاً على سحب العقد، فإنها ابدت استعدادها للاجتماع مع كتلة نواب حزب"الاتحاد من اجل الحركة الشعبية"اليمين الحاكم للتباحث معها حول الموضوع. وكان معارضو العقد الوظيفي سجلوا نقاطاً لمصلحتهم، عبر المداخلة التي ادلى بها الرئيس جاك شيراك وأدت عملياً الى تجميد تطبيق هذا العقد على رغم صدور القانون المتعلق به في الجريدة الرسمية، عبر دعوة البرلمان لتعديل بنوده ومنها خصوصاً تلك المتعلقة بمدة الفترة التجريبية والصرف الكيفي لطمأنة المخاوف التي اثارتها في الوسطين الطالبي والعمالي. وبذلك فإنهم فرضوا على السلطات تراجعاً جوهرياً، يسعون الآن الى تدعيمه على صعيد الشكل، من خلال ارغام البرلمان الفرنسي على اتخاذ قرار بسحب العقد. وهذا ما يتضح من خلال تصريحات الأمين العام لاتحاد"سي جي تي"العمالي برنار تيبو الذي اكد ان التفاوض مع نواب حزب الاتحاد مرهون بسحب العقد وأيده بذلك المسؤولون النقابيون الآخرون. وتبدو الوجهة التي سيستقر عندها الوضع عقب اضرابات وتظاهرات اليوم، متوقفة على قدرة الاتحادات على الحفاظ على وتيرة تعبئة مرتفعة لقواعدها، لابلاغ رسالة حازمة الى نواب حزب الاتحاد ورئيس الحزب وزير الداخلية نيكولا ساركوزي، الذي بات يتولى ادارة هذه الازمة. وبخلاف رئيس الحكومة دومينيك دوفيلبان، الذي كان تمسك بتطبيق العقد من منطلق الحرص على المؤسسات التشريعية وقدرتها على اتخاذ القرارات، تشير اوساط ساركوزي الى ان موقفه سيحدد على ضوء تظاهرات اليوم. وساركوزي، الذي لا يمانع في استخدام أي اساليب لإظهار قدرته على النجاح حيث فشل سواه، قد يطلب من نواب حزبه سحب العقد، اذا تبين له ان هذا ضروري لحلحلة الوضع، حتى لو شكل ذلك ضربة جديدة لدوفيلبان. تعزز الصورة التي تولدت عنه بأنه يفجر الازمات ويعجز عن التسويات.