يتجه الوضع في فرنسا الى ما يشبه حرب الاستنزاف بين رئيس الحكومة دومينيك دوفيلبان والنقابات الطالبية والعمالية، التي لجأت الى التصعيد عبر الدعوة الى التظاهر والاضراب الثلثاء المقبل، ضد عقد العمل الشبابي الجديد. والرهان هو نفسه لكلا الطرفين المتواجهين للأسبوع الثاني على التوالي، ويدعو للتساؤل عما اذا كان الوقت سيلعب في النهاية لمصلحة دوفيلبان، أم لمصلحة الداعين الى سحب العقد الجديد الذي أقره. والاضراب الجامعي الذي يعطل نحو 50 جامعة فرنسية من أصل 84، امتد ليشمل الثانويات التي توقفت الدراسة في 300 منها. والاجتماع المشترك الذي عقد بين النقابات العمالية والطالبية اظهر وجود قناعة مشتركة بضرورة المضي في التعبئة وتوسيع نطاقها لحمل الحكومة على التراجع عن العقد الذي أعد لمكافحة بطالة الشباب غير الحائزين شهادات. ويعتبر معارضو العقد ان الوقت يلعب لمصلحتهم، وان تصعيد الضغط عبر ارفاق التظاهرات باضرابات تربك الحركة في البلاد، لا بد ان تفرض على دوفيلبان التراجع. وهذا ما برز عبر التصريح الذي أدلى به الامين العام لاتحاد نقابات"سي جي لي"، وهو أحد أكبر الاتحادات العمالية، برنار تيبو، بقوله ان الحكومة ستسحب العقد الشبابي"اذا اخضعت لما يكفي من ضغط". وأشار تيبو الى ان رئيس الجمهورية نفسه عدل عن جزء من بنود قانون 23 شباط فبراير 2005، حول دور فرنسا في مستعمراتها السابقة، نتيجة ضغط المعنيين، وانه"عندما تتوافر الارادة السياسية، يمكن اعادة النظر بالنصوص حتى اذا تم اقرارها"من قبل البرلمان. وفي مواجهة هذه الارادة بالمضي في التحدي، لا يرى دوفيلبان من سبيل أمامه سوى الاستمرار في الصمود مع ابقاء المجال متاحاً على أوسع نطاق للحوار والمناقشة حول تعديلات يمكن ادخالها على نص عقد العمل الجديد. ومثله مثل النقابات، يراهن دوفيلبان على الوقت، الذي من شأنه دفع التعبئة النقابية والطالبية الى التلاشي خصوصاً مع اقتراب موعد انتخابات نهاية السنة التي تجرى اعتيادياً في ايار مايو. ويواصل دوفيلبان اتصالاته في شأن التعديلات التي يمكن اعتمادها في اطار العقد الجديد، دون سحبه ودون الاضطرار لمناقشته مجدداً في البرلمان. وعلى هامش الجدل الدائر على اوسع نطاق حول عقد العمل الجديد، نشأ جدل جديد حول اعمال العنف والمواجهات مع الشرطة التي باتت تعقب انتهاء التظاهرات، وأدت احداها الى اصابة احد النقابيين بغيبوبة، اثر تعرض رجال الامن له يوم السبت الماضي.